الشيخ خليفة ناصر العذبي الصباح (تصوير- رزق توفيق)
العضو السابق بـ"البترول" أكد لـ"السياسة" أن العوامل الجيوسياسية تلعب دوراً كبيراً في تحديد أسعار النفط
- تنويع مصادر الدخل أصبح ضرورة حتى لا نظل معتمدين على مصدر رئيسي فقط
- ربط الدول الخليجية بالسكك الحديدية يدفع باقتصاد المنطقة إلى الأمام
- توفير الفرص والمحفزات من أهم عوامل تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية
حوار - ناجح بلال
رجح عضو مجلس الإدارة السابق في مؤسسة البترول الكويتية والمتخصص بالشأن النفطي والخبير الاقتصادي الشيخ خليفة ناصر العذبي الصباح استمرار الخفض الطوعي لمنظمة أوبك بلس للعام 2025 بمقدار 2,2 مليون برميل يوميا في حال استمرار ضعف الطلب على النفط مطالبا في الوقت ذاته من مؤسسة البترول وشركاتها التابعة العمل على زيادة القدرة الإنتاجية لتكون على أتم الاستعداد، عندما تطالب بزيادة حصتها في أوبك بلس مثلما أقدمت على ذلك بعض الدول.
وأضاف الناصر في حوار خاص مع "السياسة" أن العوامل الجيوسياسية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد مستويات الأسعار، ولكن خطورتها ستزداد في حال تطور الأحداث واستهداف مكامن النفط أو إغلاق مضيق هرمز،ولكنه رأى في الوقت نفسه أن هناك أحداثا أعتاد عليها المشهد الجيوسياسي في المنطقة أو غيرها من مناطق التوترات السياسية حول العالم لم تعد تتأثر بها الأسعار.
وشدد الناصرعلى أهمية السعي الجاد نحو تنويع مصادر الدخل في البلاد حتى لايظل إعتماد الإقتصاد الكويتي على النفط كمورد رئيسي إلى مالانهاية.
وفيما يتعلق بربط دول مجلس التعاون الخليجية بالسكك الحديدية أكد أنها ستؤدي لطفرة اقتصادية بين دول التعاون على مختلف الأصعدة مثل التبادل التجاري،وتقليل وقت النقل والتكلفة بين المدن والموانئ الرئيسية بتلك المنطقة، وستوفر تكلفة السفر وحركة العمالة، إضافة الى توفير فرص العمل لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، واليكم التفاصيل:
مامستويات الأسعار العالمية حاليا والى أين تتجه؟
من الملاحظ حاليا تأرجح أسعار النفط صعوداً وهبوطاً بسبب عوامل العرض والطلب، فعلى سبيل المثال عندما ننظر لسعر برميل النفط في بداية النصف الثاني من العام الحالي وتحديداً في شهر يونيو نلاحظ أن الأسعار حققت ارتفاعاً متسارعاً لما يقارب 12 دولاراً ومع مطلع شهر يوليو وصل سعر البرميل إلى 87.43 دولار مقترباً من أعلى نقطة له في إبريل عندما وصل 92 دولاراً، ولكن مع بداية شهر سبتمبر الماضي بلغت الأسعار أدنى مستوياتها منذ ثلاث سنوات ثم واصلت الأسعار الهبوط وبعدها عادت للارتفاع مجدداً، وهذا يشير نوعاً ما إلى تحسن أسعار النفط المستقبلية (Future) وتشير تلك المؤشرات إلى تحسن الطلب كما أن هناك نقطة هامة يجب النظر إليها وهي أن مواصلة تقلص الفارق السعري بين خامي (برنت) و(دبي) يشير الى ارتفاع الطلب على نوعية النفط الثقيل تزامنا مع انخفاض درجات الحرارة.
"تحالف أوبك"
السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هل أوبك بلس ستستمر على تخفيض الإنتاج خلال الربع الرابع من 2024 والعام القادم وما فائدة ذلك على الدول المنتجة للنفط بصورة كبيرة؟
دعنا نقول هنا أن تحالف أوبك بلس والذي يشكل 55% من الامدادات العالمية و90% من الاحتياطي العالمي لعب دوراً رئيسياً في تنظيم كمية النفط الخام المعروض وكان الهدف منه خلق التوازن المطلوب في السوق العالمي لضبط الأسعار.
كما أنه حقق الهدف الثاني وهو تجنب تراجع أسعار النفط بشكل يضر بالدول الأعضاء في أوبك بلس ومن ثم يضر بالإنتاج العالمي على المدى البعيد، مما يؤثر على تمويل المشاريع المطلوبة لزيادة الإنتاج لمواجهة ارتفاع الطلب العالمي مستقبلا، وهذا ماجعل بعض الوكالات والبنوك تراجع توقعاتها السابقة للمعدل السعري للنفط لهذا العام والعام القادم، حيث توقعت غولدمان ساكس أن يبلغ المعدل السعري لبرنت 81 دولاراً لعام 2024 و76 دولاراً لعام 2025، خاصة وأن انتاج أوبك بلس بلغ خلال شهر سبتمبر الماضي 40,48 مليون برميل يومياً وهو أدنى مستوى للإنتاج خلال الثلاث سنوات الماضية، وعليه فمن المتوقع أن يتفق التحالف خلال اجتماعهم المقبل في ديسمبر على استمرار خفض الإنتاج للسنة القادمة.
مواجهة التحدي
هل ستطلب الكويت زيادة حصتها في انتاج النفط؟ وما رأيكم في إجراءات أوبك بلس؟
أولا على مؤسسة البترول مواجهة تحدي زيادة معدلات الإنتاج لتصل إلى الأهداف الموصوفة التي أعلنتها في التوجهات الستراتيجية، خاصة وأنها رصدت في سبيل ذلك ميزانية رأسمالية ضخمة تبلغ 300 مليار دولار للمشاريع التي تمكنها من الوصول الى انتاج 4 ملايين برميل يوميا في 2035 خاصة وأن هذا الهدف تأخر تحقيقه كثيراً، وعلى الكويت أن تستمر في ذلك بصرف النظر عن إجراءات أوبك بلس الحالية الداعية الى تخفيض الإنتاج،وبما أن الكويت من الدول الملتزمة بتلك الإجراءات وبنسب الإنتاج التي يتفق عليها، فهذا سيجعل الكويت تطلب بقوة زيادة حصتها مستقبلا عندما يحين الوقت المناسب للمطالبة بزيادة الحصة وهذا مايتطلب أن تكون المطالبة بزيادة حصة الكويت مدعومة بنجاح توجهات واستراتيجيات مؤسسة البترول وشركاتها التابعة، ونأمل أن تسعى الكويت جاهدة في المطالبة بزيادة معقولة تتناسب مع الزيادات التي حصلت عليها بعض الدول في آخر عقدين.
أسعار النفط
برأيك، هل ستستمر أسعار النفط الخام على نفس مستوياتها الحالية عند دخول فصل الشتاء؟
تشهد الأسواق حاليا حالة تراجع على الطلب،وما كان يبنى على توقعات أصبح واقعاً مدعوماً بالأرقام والبيانات، خاصة وأن تحليلات خبراء الاقتصاد العالمي كانت تحذر من مؤشرات تراجع الطلب من الدول الصناعية والصين وهذا الأمر تحقق وأصبح واقعاً ملموساً، حيث تراجع الطلب في الصين بمقدار 92 ألف برميل يوميا، ومع تراجع الهامش الربحي للمصافي فسيؤدي ذلك الى عدم الوصول الى الطلب المتوقع على النفط في هذا العام، كما أن انخفاض العرض بكميات أقل من الطلب خلال النصف الأول من هذا العام بمقدار 900 الف برميل يوميا رغم أن التوقعات كانت ترجح أن يكون بمقدار 1,8 مليون برميل يوميا، ولهذا فالخفض الطوعي لأوبك بلس بمقدار 2,2 مليون برميل يوميا من المتوقع أن يستمر معظم العام القادم، مدفوعا بضعف الطلب وتراجع هامش ربح المصافي.
صندوق الأجيال
البعض يطالب بتوظيف واستثمار صندوق الأجيال القادمة داخل البلاد لتنشيط الاقتصاد المحلي هل تؤيد ذلك؟
من الطبيعي لأن وجود مشاريع داخلية عملاقة من العوامل التي ستؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وبما أن القدرة الاستيعابية للاقتصاد الكويتي (Absorptive Capacity) قدرة محدودة، فيجب العمل على توسيع تلك القدرة بشتى الطرق وهذا ما يستلزم توفير وإنشاء مشاريع داخلية يجب أن تدرج في خطة التنمية 2035، مع ضرورة توفير الفرص الاستثمارية والمحفزات المطلوبة لتشجيع الإسثمار المحلي والأجنبي، ويمكن للقطاع النفطي ان يلعب الدور الرئيسي في ذلك وبالنسبة للصناديق الاستثمارية الخارجية " صناديق الأجيال " فيمكن أن تمول المشروعات الداخلية من خلال أرباحها السنوية التي تتعدى مليارات الدولارات شريطة أن تمول الفرص الاستثمارية ذات العوائد المناسبة.
السكك الحديدية الخليجية
هل تنفيذ السكك الحديدية بين دول مجلس التعاون يمكن أن يعزز التبادل الاقتصادي بين تلك الدول؟
نعم، لأن الربط الحديدي بشبكة تمتد لأكثر من 2000 كيلو متر بين دول مجلس التعاون الخليجي سيدعم التبادل التجاري والاجتماعي فيما بين الدول الخليجية فضلا عن أن توفر السكك الحديدية بين دول "التعاون" سيحسن من الاتصال الإقليمي ويقلل وقت النقل والتكلفة بين المدن والموانئ الرئيسية بتلك المنطقة، وهذا ماستنعكس أثاره على تكلفة النقل خاصة في نقل البضائع والمواد الغذائية والسفر وحركة العمالة بالاضافة لجذب مستثمرين محتملين، وتعزيز العمليات التجارية الثنائية في شكل أقرب لما هو الحال اليوم في الاتحاد الأوروبي مما يمنح دول الخليج قوة اقتصادية عملاقة،ليس هذا فحسب بل إن السكك الحديدية الخليجية ستوفر الكثير من فرص العمل لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.
تنشيط الاقتصاد
ما هي أقتراحاتكم لتنشيط الاقتصاد الوطني؟
هناك العديد من الجوانب المهمة منها أهمية تطبيق وتنفيذ ماجاء في خطة الكويت 2035 وعندما يتم ترجمة كل ماورد في تلك الخطة مع إضافة بنود أخرى لاشك سيتم تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال توافر فرص أعمال للشركات المحلية لتخلق الفرص الوظيفية للشباب الكويتي وفي هذا الجانب أطالب بزيادة نسبة توطين المشاريع النفطية الخارجية لتعمل داخل الكويت.