شَغَفْ التصوير والمشاركة

حوارات

الشغف فتنة تصيب قلب الإنسان، وتجعله يتعلّق بشيء الى درجة تتجاوز أحيانا كثيرة حدود ما هو عقلاني ومنطقي، ولعل أسوأ أنواع الشغف الشّائع هذه الأيام هو الولع بتصوير ما يحدث في الحياة الخاصة، ومشاركته مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

بل هناك بعض الناس من لا يشعرون بالرّاحة النفسية ما لم يكشفوا عن جميع جوانب حياتهم، وكأنهم يتوسّلون الرضا والقبول من متابعيهم.

ومن بعض أسباب هذه الظاهرة السلوكيّة السلبية، وكيفية حماية الخصوصية الشخصية في خِضَمّ شبكات التواصل الاجتماعي، نذكر ما يلي:

-الأسباب: يتسبّب الفشل في شغل وقت الفراغ بنشاطات، أوهوايات بنّاءة، في اتجاه بعض الأشخاص الى تصوير أحداث خاصّة في حياتهم، ومشاركتها في شبكات التواصل الاجتماعي ظناً منهم أن ذلك سيعوّض لديهم الإحساس بالنّقص، بسبب ضعف ضبط النفس، ويكون ذلك عبر العودة السمجة الى سلوكيّات المراهقة بعد البلوغ، وعدم احترام الانسان لذاته، وشغفه وولعه الصبيانيّ في السعي الى الحصول على موافقة، وقبول، وتأييد الآخرين.

كذلك مخالطة الفرد لأشخاص متفرّغين، وللاعتقاد أنّ المشاركة المستمرة في شبكات التواصل الاجتماعي ربما ستعوّض عن الشعور بالعزلة الاجتماعية، أو عن قلّة الأصدقاء، ولافتقاد الإثارة في الحياة الشخصية، وللتهرب من مواجهة بعض المشكلات الأسرية، ولضعف الشخصية.

وربما بسبب السعي الى خلق بيئة اجتماعية افتراضية للاِسْتِعاضَة عمّا لا يوجد على الواقع، أو بسبب التعرّض لإصابة شديد بالرأس أدّت الى اختلال التفكير، ربما بسبب الإصابة بمرض الزهايمر.

-حماية الخصوصية: يتوجّب على العاقل شغل وقت فراغه في تطوير شخصيته، لا سيما في سعيه الى اكتساب الأخلاق الحميدة، وبناء علاقات صحيّة مع أعضاء أسرته، وأن يمارس هواية مجزية تجلب له المنفعة، النفسيّة والبدنيّة.

كذلك أن يحمي خصوصياته في بيئة عامة شاع فيها التعرّض السلبيّ لشبكات التواصل الاجتماعي، ويختار يوماً في الأسبوع يغلق فيه هاتفه الذّكي للتخفيف من أشعته المضرّة، ولإراحة العينين، وأن يدرك الإنسان أنّ تصويره لما يحدث في حياته الخاصة، ونشره في حساباته في شبكة الانترنت يشابه تقديم دعوات مجانية للحشريّين وللمعتلّين نفسيّاً للتدخل في حياته الخاصّة.

كاتب كويتي

DrAljenfawi@