على عكس أسطورة "مثلث برمودا" والصورة السلبية، فإن في مجلس الوزراء حالياً مثلث إيجابي، إذا كانت لديه الجدية على النهوض بالبلاد، وتحقيق رغبة القيادة السياسية في جعل الكويت تعود إلى الريادة.
هذا المثلث هو وزراء "المالية والتجارة والعدل"، الذي يمكنه فعل الكثير في المجالات المتخصص بها كل وزير، ففي المالية يمكن للوزيرة، وطاقمها، اقتراح قوانين تساعد على الاستثمار المحلي، وتجذب الأجنبي، أما وزير التجارة والصناعة فلديه الكثير من الصلاحيات كي ينشط القطاعين اللذين هما عصب الاقتصاد الوطني، فيما العدل لديه طاقم قضائي يصوب أي عيوب في القوانين المقترحة، أو تلك التي تحتاج إلى تعديل.
تحتاج الكويت إلى الشجاعة والجرأة لتحقيق كل ما يتمناه الكويتيون الذين أوجعتهم الفوضى السياسية والاقتصادية التي عملت الدولة العميقة على ترسيخها حتى أصبحت البلاد طاردة للاستثمار.
هذا المثلث الوزاري، مع بقية الوزراء، يمكنه أن يحدث ثورة كبيرة في القوانين، ويفتح البلاد على غرار بقية دول الخليج التي رفعت ناتجها الوطني إلى مستويات كبيرة، لأن لديها نخبة تعمل وفق ما هو مرسوم من قيادتها، والكويت ليست استثناءً إذا كانت هناك جدية.
لدى وزير التجارة والصناعة العديد من الملفات الواجب العمل على حلها، وفي الدرجة الأولى الصناعة التي تحتاج إلى الكثير من العمل، وفق آلية عصرية، وليست تلك المبنية على الحسد والضغينة، والاستحواذ، إذ من غير المعقول أن تستورد الكويت 95 في المئة من حاجياتها، فيما لديها القدرة على التصنيع والتصدير، وليس الاكتفاء الذاتي، أقله في الصناعات التحويلية، على غرار الإمارات والسعودية.
أيضاً من مهمات "التجارة" تنشيط الصناعات الغذائية، وهو ما يساعد على خفض الكلفة المالية الكبيرة الناجمة عن استيراد الفواكه والخضار وبقية المواد الزراعية التي يمكن أن تنتج محلياً.
كذلك، يمكن لهذا المثلث تعديل قانون الـ"b.o.t"، الذي كان في الماضي ينص على أن مدة الاستثمار 50 سنة، وتُجدد لخمسين أخرى مع تعديل بعض الشروط، فيما بسبب الحسد والأنانية عُدِّل في أحد مجالس الأمة إلى 20 سنة، فكيف لمستثمر أن يدفع مالاً ويبني، ثم يُطلب منه ترك المشروع قبل أن يحصد الأرباح، ولديه فرصة أكبر في السعودية والإمارات وقطر، وكذلك البحرين وعُمان؟!
أذكر في هذا الشأن، أن ثمة مستثمراً مصرياً طلبت منه الحكومة السعودية أن يبني مدينة على غرار التي شيّدها في بلاده، ومُنح الأرض والتسهيلات كافة، وكذلك فترة سماح كافية، فيما في الإمارات وحدها هناك ما يزيد على 50 منطقة حرة متعددة التخصصات، ولديها بنية تحتية خدماتها متنوعة ما يوفر الوقت والجهد على المستثمرين، كما يُسمح فيها لغير المواطنين بالملكية الكاملة للمشاريع وبنسبة 100 في المئة.
عندنا في الكويت لدينا منطقة حرة واحدة وفيها الكثير من الاشتراطات المانعة للاستثمار، ولا أحد يدخلها، أما في الصناعة، فهناك الكثير من العوائق، بدءاً من منع صاحب المنشأة من بيعها، أو تحديثها، وصولاً إلى الضبطية القضائية القاصمة للظهر، خصوصاً إذا لم يكن صاحب القسيمة على مزاج الموظف، بالإضافة إلى أنه محظور عليه بناء سكن لعماله إلى جوار المصنع!
أيضاً من الغرائب، عدم السماح لصاحب المنشأة طلب إضافة صناعات أخرى مشابهة لما لديه، لأن الحسد ضارب أطنابه في هيئة الصناعة.
أيضاً، لدى الوزارات الثلاث القدرة على تعديل القوانين كي تحول المناطق الحرفية والصناعية والتجارية، إلى مناطق مزدهرة، بل منتجة.
في دول كثيرة، خصوصاً بعض بلدان الخليج، ثمة فرق تسويق رسمية، وعلاقات عامة من وزارات التجارة والصناعة والمالية والخارجية، تعمل في العالم على جذب الاستثمارات إلى بلادها، لكن في الكويت، لا نسمع إلا "ما نبي حد يجينا" أو "هذا سيأتي من أجل العلاج" لضغينة، وهذا كلام غبي لا يخدم مصلحة البلاد، وأهلها.