لغة فريدة قديمة بملامح عالمية تنبض في قلب مضيق هرمز
على بعد مئات الكيلومترات من العاصمة العمانية مسقط، ووسط أمواج مضيق هرمز، تقع كمزار، قرية صغيرة بين بحر وجبل، ولا يمكن الوصول إليها إلا عبر زورق أو طائرة مروحية.
في هذه القرية، تزدهر لغة فريدة شفهية واستثنائية تُعرف بـ"الكمزارية"، إذ تجمع بين مفردات من 45 لغة حول العالم، وتعكس تاريخاً طويلاً من التفاعل الثقافي.
تشكلت "الكمزارية" عبر قرون من التبادل الثقافي، حيث تضم كلمات من العربية، الفارسية، الهندية، الإنجليزية، البرتغالية، الفرنسية.
ويُرجّح أن "الكمزارية" لم تكن مجرد وسيلة للتواصل، بل ربما كانت تُستخدم كلغة سرية بين البحارة.
تاريخياً، كان مضيق هرمز ميداناً للتنافس بين الإمبراطوريات الكبرى نظراً لأهميته الستراتيجية في التحكم بحركة السفن. في خضم هذا الصراع المستمر والمنافسة بين القوى المختلفة نشأت اللغة الكمزارية.
اليوم، لا يتجاوز عدد من يتحدث "الكمزارية" 2000 شخص من سكان كمزار، مما دفع "اليونسكو" إلى تصنيفها كـ"لغة مهددة بشدة". ويخشى الخبراء أن تختفي هذه اللغة تماماً خلال العقود المقبلة إذا لم تُتخذ خطوات جادة للحفاظ عليها. ورغم ذلك، فإن زيادة عدد سكان القرية، بما يقارب 300 شخص سنوياً، قد يحمل بارقة أمل في صمود هذه اللغة النادرة التي تجمع تاريخاً غنياً وثقافات متعددة.
تمثل "الكمزارية" إرثاً ثقافياً نادراً؛ كونها ليست مجرد لغة، بل جزء من هوية سكان كمزار، وتحفظ في طياتها قصص التفاعل بين الثقافات، وماضي الصراعات منذ مئات السنين.
فهل ستتمكن "الكمزارية" من الصمود في وجه الزمن والتحديات الحديثة، أم أن هذا الإرث الفريد سيصبح طي النسيان، ليلحق بركب اللغات التي اندثرت عبر العصور؟