54 عاماً من التنمية والنهضة والبناء... والسلطنة لا تزال في أوج العطاء
تحتفل سلطنة عُمان بالعيد الوطني الـ 54 المجيد، مواصلةً تحقيق الإنجازات التنموية الشاملة وفق رؤية السُّلطان هيثم بن طارق، حيث ترسّخت خلال السنوات الأخيرة قواعد التنمية المستدامة، مع التركيز على تجويد الأداء الحكومي والارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي.
الإنجازات المتلاحقة تؤكد استمرار نهضة السلطنة وترسّخ الخطى نحو "رؤية عُمان 2040"
إنجازات اقتصادية ومالية
تمكنت سلطنة عُمان خلال السنوات الأخيرة من تحسين أدائها الاقتصادي والمالي بشكل ملحوظ. ارتفعت الإيرادات العامة حتى نهاية أغسطس 2024 إلى 8.1 مليار ريال عُماني، مقارنة بـ 7.9 مليار ريال خلال الفترة نفسها من 2023. وحققت الميزانية العامة فائضاً قدره 447 مليون ريال، مع خفض الديْن العام إلى 14.4 مليار ريال، بعدما كان 20.8 مليار ريال في 2021.
هذا التحسن المالي ساهم في تحسين التصنيف الائتماني للسلطنة، حيث رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" تصنيفها إلى "BBB-"، وعدّلت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية لعُمان إلى إيجابية، ما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين في بيئة السلطنة الاقتصادية، وتؤكّد هذه التصنيفات أنّ السلطنة بيئة استثمارية آمنة، حيث عادت لهذه الفئة من التصنيف بعد انخفاض دام قرابة 7 سنوات (منذ عام 2017م) جرّاء تأثيرات الأزمات الناتجة عن انخفاض أسعار النفط العالمية وجائحة كورونا كوفيد-19.
النمو والاستثمار
ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 21.6% لتصل إلى 25 مليار ريال بنهاية 2023. وساهم جهاز الاستثمار العُماني في تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمشاريع الستراتيجية، وتحويل السلطنة إلى وجهة استثمارية جاذبة وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة؛ حيث ارتفعت أصول الجهاز إلى 19.2 مليار ريال في عام 2023 مقارنة بنحو 17.9 مليار ريال في نهاية عام 2022، وأسهم في تحقيق أرباح تجاوزت 1.7 مليار ريال عُماني، ورفد الموازنة العامة للدولة بمبلغ 800 مليون ريال ، وسدّد 300 مليون ريال من قروض الشركات التابعة له قبل موعد استحقاقها في عام 2023، ويستثمر في 13 صندوقاً عالميًّا، مثل صندوق "بلاتينيوم" الاستثماري وصندوق "البنية الأساسية العالمية" إضافة إلى استثمارات مباشرة في شركات عالمية مثل "أور نكست إنيرجي" الأميركية و"هايساتا" الأسترالية. ومن بين المشاريع الستراتيجية التي أطلقتها السلطنة، مشروع مصفاة الدقم، وهو أكبر مشروع مشترك بين عُمان والكويت، برأس مال يتجاوز 3.5 مليار ريال. كما تركز السلطنة على مشاريع الطاقة المتجددة، مثل مشروع منح للطاقة الشمسية بطاقة 1000 ميغاوات و طاقة الرياح في ظفار.
تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص
تواصل عُمان تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث يُعدُّ القطاع الخاص جزءًا أساسياً من جهود التنمية الاقتصادية والنمو المحلي، خصوصاً في مجالات التنويع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية مثل التعليم والصحة. وتستهدف رؤية "عُمان 2040" أن يكون القطاع الخاص رائداً في قيادة الاقتصاد الوطني، ويعمل حالياً على تعزيز دوره من خلال مبادرات تحفيزية مثل "نزدهر" وبرامج الاستدامة المالية. كما يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز ريادة الأعمال عبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وفي مجال المدن الصناعية، تجاوز حجم الاستثمارات في "مدائن" 7.6 مليار ريال عُماني، بينما وصل عدد العقود الاستثمارية إلى 2310 عقود. كما بلغ الاستثمار في المناطق الحرة مثل صحار وصلالة 1.33 مليار ريال .
السلطان يضع حجر الأساس لمشروع مجمع عُمان الثقافي
البنية الأساسية والموانئ
في قطاع الموانئ، تواصل موانئ صحار، وصلالة، والدقم تعزيز عملياتها لتكون محطات رئيسية على الخطوط الملاحية العالمية، حيث تعاملت مع 1.8 مليون حاوية في النصف الأول من 2024. كما حقق الحوض الجاف في الدقم نجاحًا ملحوظًا بتنفيذ 106 مشروعات من 70 دولة بفضل موقعه الستراتيجي.
قطاعا التعليم والصحة
تولي عُمان اهتماماً كبيراً بقطاع التعليم، حيث تم افتتاح 16 مدرسة جديدة خلال العام الدراسي الحالي، وتخصيص 40 مليون ريال إضافية لتسريع المشاريع التعليمية ضمن الخطة الخمسية الحالية.أما في قطاع الصحة، تعمل السلطنة على إنشاء 9 مستشفيات جديدة، وتوسعة 5 مستشفيات قائمة، مما يزيد عدد الأسرّة بأكثر من 1600 سرير. كما تسهم المدينة الطبية الجامعية في تعزيز جودة الخدمات الصحية عبر مستشفيات ومراكز تخصصية مثل مستشفى جامعة السلطان قابوس.
نمو القطاع السياحي
شهد القطاع السياحي في سلطنة عُمان تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث بلغ عدد السياح نحو 4 ملايين سائح في عام 2023، بزيادة قدرها 36.7% مقارنة بعام 2022. كما سجلت الزيادة في عدد الزوار القادمين إلى السلطنة خلال النصف الأول من العام الجاري حوالي 3.2%، ليصل العدد إلى نحو مليوني زائر. وارتفع عدد المنشآت الفندقية إلى 895 منشأة تحتوي على 34,378 غرفة فندقية.
مشاريع ستراتيجية
وضعت رؤية "عُمان 2040" القطاع الخاص في قيادة الاقتصاد الوطني، مما ساهم في تعزيز الاستثمار في المدن الصناعية، حيث تجاوز حجم الاستثمارات المضافة في مدائن 177 مليون ريال خلال النصف الأول من 2024، ليصل الإجمالي إلى 7.6 مليار ريال. كما شهدت عمان تقدّمًا في تأسيس المدن المستدامة، حيث تم تنفيذ مشروع مدينة السُّلطان هيثم، أول مدينة ذكية ومستدامة في عمان،بمساحة تبلغ 14 مليوناً و800 ألف متر مربع، وتضم حوالي 20 ألف وحدة سكنية تتوزّع على 19 حيًّا متكاملًا بمختلف المرافق والخدمات.
التقدم في المؤشرات العالمية
حققت سلطنة عُمان تقدّماً ملحوظاً في مؤشر الإعلام للعام الثاني على التوالي، حيث احتلت المرتبة الـ 40 عالميًّا في مؤشر القوة الناعمة العالمي الصادر عن مؤسسة براند فاينانس البريطانية لعام 2024، متقدّمة 6 مراتب عن العام 2023. كما حققت السلطنة تقدمًا في مؤشرات فرعية أخرى، مثل تقدّمها 10 مراتب في مؤشر المستقبل المستدام و5 مراتب في مؤشر التأثير الإيجابي.
وفي المجال البيئي، أحرزت سلطنة عُمان تقدُّمًا نوعيًّا في مؤشر الأداء البيئي العالمي لعام 2024، حيث تقدمت 99 مركزًا عن التصنيف السابق لعام 2022، لتصل إلى المركز الـ 50 عالميًّا.
مجمع عُمان الثقافي
يُعد مجمع عُمان الثقافي الذي تم وضع حجر أساسه في مرتفعات المطار بمحافظة مسقط، أحد أبرز المشاريع التي تعكس هذه الرؤية. ويهدف المجمع إلى أن يكون وجهة فنية وثقافية رفيعة المستوى وإنجازاً حضاريًّا وعلميًّا. يتكون المجمع من ثلاث مؤسسات وطنية رئيسة في منشأة واحدة، وهي المسرح الوطني، المكتبة الوطنية، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ليشكل بذلك صرحاً ثقافياً يعكس النهضة المتجددة في السلطنة.
دعم الشباب وتعزيز الشفافية
تولي حكومة السلطنة اهتماماً بالغاً بدور الشباب الحيوي في تعزيز مسيرة البناء والنهضة المتجددة، حيث أكد وزير الثقافة والرياضة والشباب، ذي يزن بن هيثم آل سعيد، في تهنئته للشباب العُماني في يومهم السنوي على أهمية فكرهم وتفانيهم في العمل، مشيراً إلى أن عُمان تعتمد عليهم في توظيف طاقاتهم لخدمة مسيرة التنمية الوطنية. وفي إطار سعي الحكومة بقيادة السلطان إلى تعزيز حوكمة الأداء والنزاهة، ركزت على الشفافية والمساءلة من خلال التشريعات والأنظمة، وتطبيق قيم الشفافية في أداء المؤسسات الحكومية. كما تواصل تنفيذ المشاريع والبرامج الوطنية بكفاءة، مما يعزز الاستفادة من الموارد المالية في تحقيق الأهداف التنموية الطموحة.
تعزيز التعاون الدولي والسياسة الخارجية
تواصل سلطنة عُمان تعزيز علاقاتها مع دول العالم من خلال مدّ جسور التعاون وترسيخ مبدأ الصداقة والتواصل. وقد تجسد ذلك في زيارات السلطان هيثم بن طارق إلى عدد من الدول الشقيقة والصديقة، مما يعكس الاستمرارية في التعاون والعلاقات الديبلوماسية الوثيقة، حيث تم خلال هذه الزيارات بحث سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات متعددة.
على الصعيد السياسي، تؤكد عُمان دوماً على مبادئ سياستها الخارجية القائمة على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فضلاً عن تعزيز الاستقرار والسلام الدولي من خلال الحوار والتسامح. كما أكدت في كلمتها أمام الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة على إيمانها باستخدام الوسائل السلمية لحل النزاعات.