تحتل الكويت مكانة مرموقة في الساحة الدولية بفضل سياساتها المتزنة، ودورها الداعم للسلام والتعاون الإقليمي والعالمي.
ومع تسارع التغيرات العالمية، برزت الحاجة الى توسيع نطاق العمل الديبلوماسي ليتجاوز القنوات الرسمية، وصولاً إلى ما يعرف بـ"الديبلوماسية الشعبية".
هذا النوع من الديبلوماسية أصبح اليوم أداةً رئيسة لتعزيز صورة الكويت في الخارج، وبناء علاقات مباشرة مع الشعوب، ما يترجم قيم الكويت الإنسانية، ويدعم مصالحها.
الديبلوماسية الشعبية هي مبادرات، وجهود تنطلق من الأفراد والمؤسسات غير الحكومية، لتعزيز علاقات الصداقة بين الشعوب. تتميز عن الديبلوماسية الرسمية بقدرتها على التأثير المباشر والشخصي، وبناء جسور التواصل الثقافي والحضاري، كما أنها تعبر عن عمق التلاحم بين الشعب الكويتي وقيمه، وتعكس التزامه بالسلام والانفتاح.
خلال فترة الغزو العراقي في عام 1990، ادت الديبلوماسية الشعبية دوراً بارزاً في تعزيز موقف الكويت دولياً، حين اضطرت الحكومة للعمل من المنفى، شكلت"لجاناً شعبية كويتية، جابت العالم لتوضيح موقف الشعب الكويتي، والتأكيد على تمسكه بشرعيته وقيادته.
وقد حققت هذه اللجان نجاحاً عظيماً، حيث استطاعت كسب دعم المجتمع الدولي لقضية الكويت، وتوجيه القرارات الدولية لصالحها، مما أدى في النهاية إلى تحرير البلاد، وعودة الشرعية.
يمثل نجاح الديبلوماسية الشعبية الكويتية خلال فترة الغزو درساً بالغ الأهمية، يبرز مدى قدرة العمل الشعبي على تحقيق تأثير دولي كبير. اليوم، يتعين على المسؤولين، وأصحاب القرار في الكويت دعم الديبلوماسية الشعبية، وتقديم الموارد اللازمة لإنجاحها، حيث يمكن لهذه الجهود أن تسهم في تنفيذ رؤية الكويت 2035 عبر تعزيز الروابط مع الشعوب، وتطوير علاقات، اقتصادية وثقافية وتعليمية.
كما أن للمجتمع دوراً حيوياً في دعم الديبلوماسية الشعبية، من خلال المشاركة في الأنشطة الثقافية، والفنية، والرياضية التي تعكس صورة الكويت الإيجابية.
الشعب الكويتي، المعروف بكرمه، وحسن ضيافته، يمثل خير سفير لوطنه، مما يسهم في بناء علاقات متينة مع الشعوب الأخرى، وتعزيز دور الكويت كدولة محبة للسلام والتعاون.
من خلال الديبلوماسية الشعبية، يمكن تعزيز المبادرات التي تهدف إلى بناء شبكة عالمية من الأصدقاء والمناصرين للكويت، تحت مسمى "أصدقاء الكويت".
هذه الفكرة تسعى إلى إنشاء روابط واسعة تضم شخصيات مؤثرة وأصدقاء من مختلف الدول، من خلال تطوير شبكة "أصدقاء الكويت"، يمكن بناء قاعدة داعمة ومؤثرة في القضايا الدولية، مما يعزز من قوة الكويت الناعمة، ويزيد من تأثيرها الإيجابي على المستوى العالمي.
ختاماً، إن تجربة الكويت إبان الغزو ونجاحها في كسب دعم دولي قوي بفضل الديبلوماسية الشعبية، تؤكد أن ذلك ليس مجرد وسيلة تكميلية، بل هي ركيزة أساسية لتعزيز مكانة الكويت الدولية.
إن تبني الدولة والمجتمع لفكرة "أصدقاء الكويت"، وتوسيع شبكة العلاقات الشعبية سيسهم في حماية مصالح الكويت، ويدعم رؤيتها المستقبلية في عالم ملىء بالتحديات، مما يضمن للكويت دوراً فعالاً في بناء مستقبل أكثر ازدهاراً وسلاماً.
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه، وأبقاها منارةً للعدل والإصلاح تحت قيادة سمو الأمير الحكيم.
كاتب كويتي