حوارات
(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (البقرة 281).
إذا كانت هناك حكمة تختصر نتائج السلوك البشري فهي: كُلٌّ يَحْصِدُ مَا يَزْرَعُ وَيُجْزَى بِمَا يَصْنَعُ، ووفقًا للمنظور الإسلامي التقليدي: يحصد المرء ما يزرع في الدنيا أو الآخرة، ويجازى بما صنع في الدنيا من خير أو من شرّ.
والسؤال الذي يطرح نفسه في سياق موضوع الحصاد والجزاء للأقوال وللأفعال الشخصية هو التالي: ما هو حصاد وجزاء الخير في الحياة الإنسانية؟
أعتقد شخصياً أن الحياة الدنيا هي مزرعة الآخرة، ومن حصادها الطيّب، نذكر ما يلي:
- زراعة المعروف: إذ يشير ذلك إلى ما هو حسن أخلاقياً، وما هو خيرٌ، وما هو من الإحسان مثل الكلمة الطيّبة، والتصدّق، وفعل الخير في السرّ، والعلانية، وإفشاء السلام، والتودّد إلى الناس، ومعاملتهم معاملة حسنة، والنأي عن كل ما هو منكر.
- التواضع: قال نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الشريف: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ، قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَاً، قالَ: إنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ».
وفي حديث شريف آخر «وما تواضعَ أحدٌ للهِ إلَّا رفعَهُ اللهُ»، ومن يزرع التواضع في بيئته المحيطة يجني حتماً محبّة واحترام عقلاء الناس.
- حُسن الخُلُق: البِرُّ بالوالدين من حسن الخلق، وطلاقة الوجه، والأمر بالمعروف، وصلة الرّحم، وطيب العشرة مع شريك الحياة، وكفّ الأذى عن الناس، والأمانة والإخلاص والوفاء، وكظم الغيظ، والحياء كلها من حسن الخلق، ومن يزرعها في مجتمعه يحصد محبّة واحترام الناس.
- الدنيا مزرعة الآخرة، يقول المولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم: «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى» (النجم 39-41).
ومن يدرك هذه الحقيقة الحياتية والأخروية، فمن المفترض أن يقدِّم لنفسه خيراً، ويمتنع عمّا يجلب له الخسران في الآخرة، فلعل وعسى.
كاتب كويتي
@DrAljenfawi