د.عصمت الجبالي ود.محمد الديهان
خلال الندوة الفكرية ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى الدولي
ضمن أنشطة مهرجان الموسيقى الدولي الـ24 أقيمت ندوة فكرية بعنوان "الغناء العربي من المحلية إلى العالمية" في فندق فوربوينتس شيراتون الكويت قدمتها د.عصمت الجبالي رئيس ومؤسس مناهج قسم الأصوات بالمعهد العالي للفنون الموسيقية في الكويت سابقا، وأدار الندوة د. محمد الديهان الذي أكد في مستهل حديثه أن الدكتورة عصمت لها إسهامات كبيرة في كلية التربية الأساسية من خلال قسم التربية الموسيقية، وقدمت العديد من الأبحاث المتعلقة بتدريب الصوت والنطق السليم، وحكّمت دراسات عربية وعالمية عدة في جامعة الكويت، وأعدت برامج أصول الموسيقى في إذاعة الكويت أيضاً، وشاركت في تطوير المناهج الموسيقية ودربت العديد من الأصوات الفردية والجماعية في المعهد العالي للفنون الموسيقية في العديد من المهرجانات والحفلات ولاسيما في أوبريت "حروف على جدار الوطن" وقدمت دورات عدة في عدد من الدول العربية والخليجية.
استهلت الدكتورة عصمت الجبالي حديثها بالشكر والتقدير لدولة الكويت على حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال، ومضت بالقول: قديماً قال حكماء العرب "إذا أردت أن تعرف حضارة أمة وما تنطوي عليه من طبائع وسجايا فابحث عن الغناء فيها، فإنه مسرح يظهر مزايا الأمة وآمالها وآلامها على نحو يشرحه بأفصح بيان ووصف"، وهذه العبارة تكشف سر العلاقة بين الغناء وحضارة أي أمة، باعتبار الغناء مرآة تعكس قيم وقوانين وحضارة الأمم، مشيرة إلى أن الحضارة العربية صدّرت إلى دول الغرب المعارف والعلوم والفنون على نحو يثبت مدى قيمة وقوة الحضارة العربية بناء على مراجع وكتب نستقي منها حتى الآن ما يؤكد عظمة هذه الحضارة.
وقالت إن الممتع في موضوع هذه الندوة هو أننا نتناول الغناء بمفهومه الاجتماعي، مؤكدة أن الغناء هو الصورة المرئية والمسموعة لقيم وأخلاق المجتمع، ويتفاعل مع المفاهيم الموجودة في المجتمع ويظهرها إما بشكل دراماتيكي أو بشكل يمجد في البعد الثقافي والفكري للبلاد. والغناء فن يصدر نتيجة اندماج ثلاثة عناصر هي الصوت واللحن والكلمة، وهنا تقع مسؤولية كبيرة على الأكاديميين والدارسين والقائمين بالحركة الفنية بالبلاد للارتقاء بالأغنية.
وحول الفرق بين التلاحين العربية والغربية، قالت الجبالي إن هناك فرقا واضحا بين السمات المميزة للغناء والتلاحين العربية وأولها المقامات الموسيقية، لافتة إلى أن كل الموسيقيين يعلمون أن المقام هو شكل لتكوين نغمي متسلسل له نقطة بداية ونقطة نهاية، وبين النغمات المتسلسلة هناك ما يعرف بالبُعد الموسيقى الكامل أو النصف بُعد أو الثلاثة أرباع البُعد
وتابعت، على مستوى الآلات الموسيقية، نجد الآلات الغربية هي تقليدية معروفة في الأوركسترا، بينما الآلات الموسيقية العربية التي تستطيع أن تعزف ثلاثة أرباع التون وتعطي من الألحان ما تعطيه من الثراء، إضافة إلى آلات التخت العربي التي تستطيع أن تضيف ثراء للموسيقى العربية، كذلك الإيقاع في الموسيقى العربية وكما قال (الفارابي) إنه يقوم بعملية تنظيم بين السرعة والزمن، وقال إنه النظام في توزيع حدود الزمن، وهذا ما يحدث بالضبط في الدروب الايقاعية وأن هذا النظام الايقاعي يعطي انفعالات وتأثيرات تشبع الطابع الموسيقى.
وفي محور آخر من مكونات العمل الموسيقى، قالت إن فن ادارة الصوت هو العنصر الأهم في الغناء العربي، وهو علم واسع يعتمد على تشريح أجهزة إصدار الصوت عند الانسان، ومنها الجهاز التنفسي والجهاز الصوتي والجهاز الرنان وكل منه له تدريبه، وبداية تدريب الصوت لكي يصبح الشخص مغنيا هو أن يتعامل مع الجهاز التنفسي بشكل سليم، ويحدد ويتعامل مع أماكن الرنين في الجسم، وهي منتشرة في جسم الإنسان، وأهم شيء كيفية إدارة عملية التنفس لخدمة الجملة الموسيقية، واستعرضت الجبالي خلال الندوة نماذج من الأصوات والمقامات للمقرئين وشيوخ القرآن في رفع الآذان، حيث يؤدى كل آذان بلحن معين حسب الحالة المزاجية للمجتمع، آذان الفجر كان بمقام الصبا، والظهر على مقام الراست، والعصر بمقام الحجاز، والمغرب على مقام سيكا، والعشاء في مقام البيات.
وشددت الجبالي على أن البدايات الموسيقية كانت عربية من الحس الموسيقى وموسوعة من العبارات الموسيقية التي تشرح العبارة اللغوية، وناشدت بمزيد من التدريب على القدرات اللفظية وعدم الخلط بين الأصوات، ولابد من وجود نوع من الفكر المضاد لثقافة اليوتيوب والتواصل الاجتماعي واستغلال فكرة التمازج بين الثقافات الموسيقية العربية والغربية والعمل على بناء شخص يمكن تصديره للعالم للنهوض بمستوى الثقافة العربية العامة.