الاثنين 25 نوفمبر 2024
24°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 منى العازمي
كل الآراء

عن هذا القلب

Time
الخميس 21 نوفمبر 2024
View
50
منى العازمي

حين خلق الله للإنسان أعضاء، منها ما جعل له اثنين منها، كاليدين والقدمين والعينين والكليتين، ومنها ما كان عضوا واحدا كالقلب واللسان، ولذلك نسب كل فعل إلى القلب كأن نقول: يرى القلب لا العين، يسمع القلب لا الأذن، تمشي القدم إذا أراد القلب وهكذا.

وأن يوجد لك عضوان لاداء المهمة ذاتها قد يؤدي ذلك إلى تناقضهما فنقول: يقدم رجل ويؤخر أخرى، تخفي يده اليمنى ما فيها عن اليسرى، ويفتح العين اليمنى ويغمض اليسرى، وهكذا.

لذا فالفعل الذي ينتج عن الأعضاء الزوجية قد يكون متناقضاً يقتنع به الجانب الأيمن مثلا، وينكره الجانب الأيسر، لذا فالفعل الناتج عن تلك الأعضاء لا يكون معتمداً في بعض الأحيان، فقد تعطي اليد، لكن عطاء باهت بحجة أنه ليس من القلب.

وقد تمشي القدم، لكنها متباطئة، وذلك لأنها ليست بإرادة القلب، وتكون العين مفتوحة، لكنها لا تعثر على ما تريد، لأن القلب لم يرشدها.

لذا فالقلب، أو تلك المضغة التي أشار إليها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقوله: "إلا أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"، تعتبر المركز الأساسي للإنسان.

فحتى لو كانت مسؤولية الإحساس من مسؤولية الحواس الخمس إلا إن الحكم على درجة هذا الإحساس، استقبالا وإرسالا، هي مسؤولية القلب الواحد.

وهكذا هي حكمة الحياة، تكون القيادة لقائد واحد، فالسفينة ربانها واحد، والطائرة قائدها واحد وهكذا، فالقلب يأمر فينطق اللسان، وتبصر العينان، وتعطي اليدان، وتمشي القدمان، فالذي يراك بقلبه، إما أن يعليك بسبب حبه لك، أو يقصيك بسبب بغضه لك.

ونحن هنا إذ نتناول القلب لا يعني تجاهلنا للعقل، بل هي طبيعة الإنسان الذي قد يسيطر قلبه على عقله، فمهما كان العقل قويا لا بد للقلب أن يكون له قرار نهائي في معظم الأحيان.

لذا فقلوبنا أمانة، ومسؤوليتنا هي تطهيرها من شوائب الرذائل، كي ننقي عدسة الحكمة، التي نطل بها على العالم، فيصفو القلب من الرياء كي تخفي اليد عطاياها، ويصفو القلب من النفاق كي ينطق اللسان بالحق، ويصفو من الميل والتحيز كي ترى العين الجمال جمالا والقبح قبحا، ويصفو من الهوى والملذات كي تحث القدم خطاها نحو الخير والحياة.

كاتبة كويتية

آخر الأخبار