الْحِقْدُ بَاقٍ فِي الصُّدُورِ مُغَيَّبُ

حوارات

قال الشاعر العبّاسي صالح بن عبدالقدوس واصفا الحقود: "إنَّ الحَقُودَ وَإنْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ، فَالْحِقْدُ بَاقٍ فِي الصُّدُورِ مُغَيَّبُ"، ومعنى الحقد وفقاً لبعض المعاجم العربية، هو إضمار العداوة، والتربّص للإيقاع بمن يعتبره الانسان عدوّه.

وينطوي الحقد أيضاً على كره وعداوة شديدتين، والسؤال الذي يطرح نفسه في سياق الحقد هو التالي: لماذا يبقى الحقد في صدور بعض الأشخاص، ويتلاشى تدريجياً من قلوب آخرين؟

أعتقد، إنّ إضمار الحقد لسنوات، أو عقود طويلة، له أسباب فكريّة ونفسيّة، وشخصية محدّدة، ونذكر منها ما يلي:

- الحقد المُورَّث: أبرز أسباب إبقاء الحقد في قلب الانسان لسنوات أو عقود، ربما يتمثّل في توارثه عبر والديه، أو ربما عن طريق أجداده، اذ يوجد بعض الأفراد المضطربين أخلاقياً والمعوجين نفسياً من يحرصون على توريث صراعاتهم الشخصية مع الآخرين لأبنائهم، وربما لأحفادهم، مع أنّ لا علاقة لأبناء أو أحفاد المحقود عليه بما حصل بينه وبين الناس الآخرين.

وتتسبّب التربية الأسرية النرجسية والسيّئة في توريث الأبناء والبنات كره الأمّ أو الأبّ ضدّ أفراد ينتمون للأسرة نفسها الممتدة، ولا يقبل بإرث الحقد، ويديمه، وينشره في بيئته المحيطة، سوى الانسان ضعيف الشخصية، والأسير عقلياً لترّهات ولصراعات الماضي.

- المحقود عليه شمّاعة: يستهدف بعض المضطربين فكرياً والمعوّجين نفسياً شخْصاً محدّداً، أو مجموعة من الأشخاص، ويشوّهون سمعتهم عبر بث الاشاعات الكاذبة عنهم، بهدف تعويض شعورهم بالفشل الحياتي، فيعضون النفسيّ السلبي عن طريق تعليق فشلهم الشخصي ولوم الآخرين، أو لأنّ المحقود عليه يعيش حياة معتدلة، وبنّاءة وناجحة، بينما يفتقد الحقود هذا الإنجاز الحياتي المميّز.

- إضمار الحقد وإنخفاض مستويات النضج الفكريّ والنفسيّ: عندما تنخفض مستويات النّضج الفكريّ والنفسي عند إنسان بالغ عمرياً، إمّا بسبب انتكاسه الأخلاقي الاختياري، أولغلبة هواه لعقله، أو بسبب تعرّضه لضربة شمس شديدة، أو تعرّض رأسه للرضوض وللكدمات العرضيّة، فربما تؤدّي كل الحالات والأحداث السابقة الى إختلال ميزان عقله لفترة قصيرة أو طويلة، وتختلّ عنده نتيجة لذلك موازين التفكير الشخصي، فيبدأ يحقد كحقد الجمل المغلوث.

كاتب كويتي

DrAljenfawi@