عبدالله الطليحي يتوسط عبدالله ملك وغازي حسين
العميري يسبر أغوار التاريخ ويعود بالذاكرة للعام 1871
فالح العنزي
جُبل الكاتب والمنتج مشاري العميري على سبر أغوار التاريخ واستخلاص الأفكار المستحقة والتي يمكن بلورتها وتحويلها الى قصة متلفزة محبوكة دراميا، تعكس الكثير من التفاصيل المتعلقة بالمجتمع الكويتي، وتغوص في أعماقه، فبعد سلسلة من المسلسلات التي لم يغب عنها الانتشار والنجاح مثل "رحى الأيام، الوصية الغائبة، دحباش" وغيرها يعود في دراما رمضان 2025 بمسلسل "الطبعة" والذي يُعَدُّ عملًا دراميًا تراثيًا يُحيي ذكرى واحدة من أعظم الكوارث التي واجهها أهل الكويت في تاريخهم البحري.
توليفة خليجية
وكعادته في أعماله كافة، يحرص المنتج العميري على التنويع في أبطال مسلسله ولا يتوانى في إسناد البطولة لممثل من خارج الدراما المحلية متى ما شعر بأنه الأصلح للدور مثل ما فعل سابقا مع الفنان السعودي ماجد مطرب، يقول العميري: " يمثل المسلسل إعادة إحياء لهذه الحادثة التاريخية المهمة، والاخراج لمحمد الطوالة، ويشارك في بطولته نخبة كبيرة من نجوم الدراما من مختلف دول الخليج، منهم غازي حسين من قطر وعبدالله ملك من البحرين ويوسف الدامغ وعادل الضويحي ونوف عبدالله واميرة الخبوبية من السعودية ومن الكويت أحمد مساعد وعبير الجندي ومحمد العجيمي. واضاف العميري: "السياق التاريخي يروي المسلسل تفاصيل تلك اللحظات المؤلمة بأسلوب درامي مؤثر، حيث يستعرض حياة البحارة الكويتيين وعائلاتهم الذين كان رزقهم معتمدًا على البحر، يُظهر العمل الصعوبات التي واجهها أهل الكويت في تلك الحقبة، من عواصف البحر وأهواله، إلى الفقدان المفجع للأحباب، فلم تكن "الطبعة" مجرد حادثة، بل كانت رمزًا للفاجعة التي اختبرت عزيمة هذا المجتمع البحري الصغير.
سنة الطبعة
ويراهن المخرج الطوالة على فريقه الفني الذي اجتهد في البحث والتنقيب عن موقع للتصوير وكذلك تشييد الديكورات خصوصا وأن أحداث العمل تعود إلى كارثة حقيقية وقعت في عام 1871م، حين باغتت عاصفة هوجاء مراكب الكويتيين أثناء رحلاتهم التجارية في بحر العرب، بعد خروجهم من موانئ الهند. كانت الكارثة مدمّرة، إذ أودت بحياة عدد كبير من البحارة وغرقت على إثرها العديد من السفن، مما ترك أثرًا قاسيًا على المجتمع الكويتي برمته. ومع ذلك، أظهر أهل الكويت عزيمة فريدة في تجاوز هذه المحنة، واستمروا في كفاحهم عبر عباب البحار بحثا عن الرزق.
رسالة
المتابع لمسلسلات الكاتب مشاري حمود العميري يكتشف بأن وراء كل عمل قصة ورسالة يريد ايصال مفهومها بالطريقة السليمة للمتلقي، فعلى الرغم من المأساة، يحمل المسلسل رسالة عميقة عن الصمود والمثابرة، حيث يُبرز كيف تجاوز الكويتيون تلك المحنة المدمّرة، فلم تمنعهم الخسائر الفادحة من العودة إلى البحر واستئناف حياتهم سعيا وراء الرزق. يستعرض العمل هذه الروح القتالية والإيمان العميق بأن الحياة لا تُبنى إلا بالكفاح والتحدي، وهو ما يشكل جوهر الهوية الكويتية.
الموروث البحري
ربما تنتظر مخرج العمل محمد الطوالة تحديات صعبة بعدما يدخل المراحل الجادة خصوصا استحضار كل ما يتعلق بمشاهد "الطبعة" وغرق السفن والمحامل والبحارة الامر الذي يتطلب تقنيات مبتكرة للمشهد المتوقع بأنه واحد من أصعب المشاهد المصورة إن لم يكن أصعبها على الاطلاق تصوير عاصفة بحرية وسفن تقليدية مثل البغلة والبتيل والبُوم والشوعي، صنعها بحارة محليون لكنها غرقت تحت أمواج عاتية، كذلك ان يكون العثور على اكسسوارات وأزياء تنتمي لتلك الحقبة الزمنية وصولًا إلى إحياء الأهازيج البحرية "النهمة" التي كانت تواسي البحارة وتشد من أزرهم في عرض البحر. يُظهر العمل التفاصيل اليومية لحياة البحارة وأسرهم، ما يخلق صورة حية للماضي تعزز من فهم الأجيال الحالية لقيمة الإرث الثقافي الكويتي.
عبير الجندي وياسة برفقتهما مجموعة من أطفال المسلسل
مشاري العميري