عندما كتبنا، ودافعنا عن كبار السن من الاخوة المقيمين، فلم يكن ذلك لمصلحة شخصية، فلا انا من ارباب تجارة الاقامات، ولا من ملاك محال مؤجرة، ولا من ارباب الممنوعات، وغسل الاموال، ولا حتى من غسل السيارات.
كنا نرى انه لا يجوز تقول للمقيم: "انت بلغت من العمر ما لا يجوز بقاؤك في الكويت وتقيم و تعلف بلا انتاج"، سيما، وهنا المهم، ان المقيمين في البلاد منذ زمن طويل، باتوا يشربون من الكأس نفسه التي يشرب منها المواطن.
اذكر اثنين من اصحاب المحال في سوق المباركية توفهاهما الله بعد "قرار
الـ 60"، كانا يشكوان من سوء القرار غير الانساني و عدم مواءمته للتطبيق.
الاول عراقي من بغداد كان يقول:"جئت الى الكويت عمري 18 سنة والآن انا في السبعين، اين اروح، العراق ليس وطني، وبغداد ليست مدينتي، وجيراني هنا ليسوا هناك، واصدقائي هنا ليسوا هناك".
هكذا كل يوم لا حديث ولا شكوى الا من هذا القرار غير الانساني، حتى اشفق الله عليه وانتقل الى جوار ربه مغفوراً مرحوماً، وكلما مررت من جوار الدكان اراه مغلقاً يقبض قلبي، ويزداد اسفي على انسان، فهذا الرجل مسالم قضى عمره في وطن احبه.
اما الثاني ايراني كان من تجار التمور، وكانت احدى زوجاته، وهي الاخيرة كويتية فاختطفته يد المنون، وهو في غفلة، وكان يراه اصحاب محال الخضار عميد السوق لقدمه، هذان وغيرهما من جنسيات عربية واجنبية من كبار السن نحن اوجدنا لهم قراراً لا يليق بدولة حملت شعار الانسانية، وخيراتها غطت المشرق والمغرب.
"قرار الـ 60" كان يسيء ولا ينفع وكان يشكل انتقاداً للكويت في المحافل والمنظمات الدولية، هذا بخلاف خبرات تخسرها البلاد، هؤلاء ليسوا شباباً حتى يغامروا بأعمال مخالفة للقانون، كالتجارة بالمخدرات او غسل الاموال، فهؤلاء على الاغلب يحافظون على سمعتهم وسط شركاء واصدقاء كويتيين.
في كل الاحوال اقول الى معالي رئيس مجلس الوزراء بالانابة، النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، وزيرالدفاع، ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف: احسنت، لقد نسفت قراراً سيئاً.
ان اي مقيم مهما كانت ديانته، او جنسيته، اخ للمواطن ما دام ملتزماً القوانين واعراف وتقاليد المجتمع، ان ما يجمعنا مع الاخرين هو الانسانية، اخوة الدنيا، فلا ينبغي بخس الضعفاء حقوقهم، وسلب انسانيتهم، ان الانسان للانسان والكل بالله.
صحافي كويتي
[email protected]