قصص إسلامية
تعرّف على الصفقات الخاسرة في تاريخ المسلمين.
سلاطين ارتدوا عن الإسلام، وتنصّروا لحفظ عروشهم، وآخرون سلّموا القدس مرتين، وباعوا الأندلس بالتقسيط.
والصفقات السياسية المشبوهة وجه من وجوه هذا التاريخ المتلون، وهي غالباً ما تأتي خروجاً على ما أتاحته تعاليم الإسلام للحاكم من خيارات، عبر أبواب العلاقات الدولية، ومواقف الحرب، والصلح والهدنة.
فالصفقة السياسية المشبوهة التي نقصدها هنا هي ذلك السلوك المبني على مقايضة الأرض مقابل كرسي السلطة، والصفقات المشبوهة لا تظهر إلا عندما تنعدم الثقة، سواء بين الحاكم وشعبه، أم بين الأنظمة السياسية المتجاورة، وانعدام الثقة حين يؤدي إلى البحث عن أي مصدر بديل يوفر الضمان اللازم لاستمرار السلطة التي تتحول في هذه الحال غالباً سلطة تابعة للقوى الأجنبية، فتراها مفرطة اللين مع الخصوم، شديدة الاستقواء بالأعداء على شعوبها.
ذكر ابن الأثير في كتابه "الكامل في التاريخ" "أن مملكة الكُرج النصرانية بعد أن أتمت صلحها مع المسلمين، وصل إلى قمة الحكم فيها امرأة، فطلب منها الوزراء والأمراء، وكبار رجال الدولة أن تتزوج رجلاً يدير عنها شؤون البلاد، ويكون في الصورة أمام الأعداء وفي المفاوضات، وغير ذلك، فأرادت أن تتزوج من بيت مُلك وشرف، ولكنها لم تر في مملكة الكرج من يصلح لهذا الزواج، وسمع بهذا أحد ملوك المسلمين، وهو مغيث الدين طغرل شاه بن قلج أرسلان، وهو من ملوك السلاجقة، وكان يحكم منطقة الأناضول، وكان له ولد كبير، فأرسل إلى الملكة يطلبها للزواج من ابنه، فرفضت الملكة وقالت: "لا يمكن أن يملك أمرنا مسلم".
فماذا فعل الملك مغيث الدين؟
قال لهم: "إن ابني يتنصر ويتزوجها"، فوافقوا، وبالفعل تنصر الولد، وتزوج من الملكة، وانتقل إلى مملكتهم ليكون حاكماً عليهم. مرت الأيام، ثم علم الأمير الزوج بأن زوجته الملكة تهوى مملوكاً لها، وكان يسمع عنها القبائح الشنيعة، ولا يتكلم، فهو وحيد في مملكة واسعة، ثم إنه دخل عليها يوماً فرآها مع مملوكها في فراشه، فأنكر ذلك، وأراد أن يمنعها من استمرار العلاقة، فقالت له الملكة بكل جبروت: "إما أن ترضى بهذا وإلا فلا تبقى".
فقال: "أنا لا أرضى بهذا"، فنقلته إلى بلد آخر، ووكلت به من يمنعه من الحركة، وحجرت عليه، ووضعته في الإقامة الجبرية، ثم تزوجت غيره!
انظر كيف وصل بهم الأمر إلى درجة من التنازل عن الدين، وهوية الأمة، ويستحيل معها جلب النصر.
أمر عجيب كيف يأتي تبديل الهوية والدين في ذهن الملك وابنه أصلاً، بل وتطبيقها، لو أتى ذلك من ضعيف مستعبد مهزوم لقلنا: لعله استُكره على ذلك، فهذا ما لا يتخيله عقل أو منطق؟
نسأل الله أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاه.
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) انه قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا".
إمام وخطيب
[email protected]