مختصر مفيد
بعض الزعماء في العالم لا يفعل الخير من أجل شعبه، مثال على أولئك الرؤساء، الرئيس الزمبابوي السابق روبرت موغابي، الذي أُطيح به في انقلاب عسكري يوم 15 نوفمبر 2017، هذا الرئيس دمر اقتصاد بلاده، وأساء الى معيشة الشعب، رغم ان زمبابوي تمتلك ثروة غنية بالمعادن الثمينة، كذلك اتصف حكمه بالفساد الحكومي والتعذيب، وتصفية الخصوم السياسيين، والتخويف.
لتوضيح هذه الصورة بأسلوب اقتصادي مبسط، نتخيل أن المواطن في زمبابوي يتهيأ للخروج من منزله، وفي ذهنه أن سعر السلعة ثلاثة دنانير، وما إن يخرج من منزله حتى يكون سعرها قد وصل في السوق الى ثلاثة دنانير ونيف.
وبعد أن يركب سيارته يكون سعرها قد ارتفع إلى ثلاثة دنانير وربع، وما إن يقف بسيارته في السوق حتى يكون سعرها قد بلغ ثلاثة دنانير ونصفاً، هذا هو ما يُسمى بـ"التضخم المُفرط ".
فالسعر كان ثلاثة دنانير، لكنه يزداد في ساعات النهار، فالأسعار ترتفع كل بضع ساعات، أو من يوم لآخر، أي ترتفع ونحن نتحدث أنا وأنت الآن، فأصبح رغيف الخبز الواحد يكلف 100 ألف دولار زمبابوي ( أي 230 فلسا) ثم بلغ 100 تريليون دولار زمبابوي، لأن هذه العملة لا قيمة لها.
التضخم الهائل في زمبابوي جعل الشحاذ يرفض قبول بليون دولار زمبابوي، وتدمير الاقتصاد بهذه الصورة جعل الخريجين باعة بالشوارع، هذا شيء مخيف ولا شك. السبب في هذا ان نقص الدولار الأميركي جعل البائع يرفع سعر سلعته بالعملة المحلية، كأنه يريد التعويض فارتفعت نسبة التضخم بشكل هائل، وحدثت مضاربة على الدولار ما ساعد على خروج مزيد من الدولارات من البلاد، وأخذ الناس يعانون من صعوبة المعيشة والفساد الحكومي، والقحط، والصراع السياسي، ومعدل بطالة بلغ 90 في المئة، وأصبح من النادر ان يتقاضى الموظفون وأفراد الشرطة والجيش رواتبهم في موعدها المحدد.
في ديسمبر عام 2016 سادت توقعات باحتمال اندلاع حرب أهلية أو انقلاب عسكري، فموغابي حكم البلاد بأسلوب ديكتاتوري قاس، فأخذ المحللون السياسيون يتوقعون أن يتحول حال البلاد الى وضع يشبه وضع الصومال، أي دولة لا يحكمها قانون.
زوجة موغابي كان يتوقع لها ان تكون خليفته، لكن حدث الانقلاب العسكري في 15 نوفمبر 2017، وفرت هي الى ناميبيا هاربةً، بينما ظل موغابي رهن الإقامة الجبرية.
ومثال آخر، البرازيل، فقبل 40 سنة شاهدت جهاز تلفزيون يُباع في أحد المحلات بمبلغ 10 آلاف كروزادو، أي نحو 120 ديناراً، وعدت الى هذا المحل بعد أسبوع فرأيت الجهاز يُباع بسعر 13 ألف كروزادو، ثم إن المواد الغذائية في الجمعيات التعاونية تنفد سريعاً بحلول المغرب، الكل يشتريها، لماذا؟
لأنك إلحق أو ما تلحق، انهض فوراً، وتعجّل وإذهب للجمعية واشتر بدل الدجاجة الواحدة، اشتر سبع دجاجات بالسعر المعلن اليوم قبل رفعه غداً، وبدل قطعة الخبز الواحدة، اشتر رزمة خبز، لذلك رأينا البرازيلي يقود عربتيّ تسوق في السوق المركزي بدلاً من عربة واحدة، وكأن لسان حاله يقول: "ياليتني اشتريت جهاز التلفزيون قبل أسبوع"!
هكذا أخذت تكاليف المعيشة تزداد أمام المواطن البرازيلي وساءت أوضاعه، لأن حكومته لم تعرف كيف تضبط أسعار السلع المختلفة.
قصدت من اسم المقالة ان أجذب القارىء حتى يقرأ معلومة عما يُسمى بـ "التضخم"، وللعلم لا يُقال غلاء "فاحش" في علم الاقتصاد، فلم نسمع بهذا اللفظ خلال دراستنا لعلم الاقتصاد، فليس هناك غلاء محتشم ومتأدب، وإنما يُقال "ارتفاع عام في الأسعار" أو "ارتفاع في نسبة التضخم"، أو تضخم مفرط.
وهناك بلدان أخرى، منها عربية، تشهد مثل هذه الظاهرة.
[email protected]