ورقة الضمانات الأميركية تفضح شعارات "النصر المُرّ" و"الانكسار بنكهة الانتصار"
الورقة تُلزم واشنطن بالتعاون مع إسرائيل في كبح أنشطة إيران المزعزعة في لبنان
البند يعني عملياً إجلاء الحرس الثوري الإيراني عن لبنان الموجود فيه منذ 42 عاماً
الصياغة تمنح إسرائيل نفوذاً أكبر مما بعد 2006 لمنع الحزب من التسلح ونشر مقاتليه
"السياسة" - خاص
بين "انكسار بنكهة الانتصار"، و"نصر مر"، تعددت الأوصاف التي أسبغها "حزب الله" على النتائج الكارثية التي خلفتها الحرب الأخيرة، مما تدخل جميعها في نطاق المماحكات اللفظية الرامية للهروب من أسر حقائق سوداء، وواقع مر جرّ اليه الحزب لبنان بناسه ومؤسساته وبنيته التحتية إلى جحيم نار مستعرة لا ذنب له في إشعالها، وعلى غرار تلك التي أعقبت هزيمة يونيو 1967، وحرفتها باتجاه "النكسة" رغم انها "هزيمة مذلة" خسر فيها العرب أراض تمثل أضعاف ما خسروه في 1948.
لكن ـ وعلى الرغم من "الكليشيهات" والشعارات التي احترف حزب الله اطلاقها على مدى سنوات ــ فإن ما تكشفه نصوص ومواد اتفاق وقف اطلاق النار وورقة الضمانات الأميركية المقدمة لإسرائيل لتنفيذه تؤكد أن الحزب تجرع "كأس السم"، إذ ينص الاتفاق في البند الخامس منه على ان "تقتصر القوات العسكرية والبنية التحتية والأسلحة المنتشرة في منطقة جنوب الليطاني على القوات العسكرية والأمنية الرسمية للبنان".
أما الجرعة الأكبر من السم التي سيتجرعها "حزب الله" ـ بحسب مراقبين ـ فقد تكون تلك التي وردت في "ورقة الضمانات" وتؤكد على "تعاون إسرائيل والولايات المتحدة في تبادل المعلومات الاستخباراتية الحساسة بشأن اي انتهاكات بما في ذلك أي اختراق من حزب الله داخل الجيش اللبناني"، ما يعني حق التدخل في الجيش في حال الاشتباه بأي شخص داخله تابع لـ"حزب الله".
ولعل البند الأخطر في ورقة الضمانات هو المتعلق بإيران الذي ورد فيه "تلتزم الولايات المتحدة التعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة إيران المزعزعة في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة أو أي دعم من إيران"، وهو البند الذي يعني عملياً "إجلاء الحرس الثوري الإيراني عن لبنان، والموجود فيه منذ اثنين واربعين عاماً.
في الاطار، نقلت وكالة "رويترز" عن ديبلوماسيين قولهم: "إن الصياغة تمنح إسرائيل نفوذاً أكبر مما كان عليه بعد عام 2006، لمنع "حزب الله" من إعادة التسلح أو إعادة نشر مقاتليه أو أسلحته". وتحدثت الوكالة عن خريطة الاتفاق وعن المنطقة التي يجب أن تكون خالية من أسلحة "حزب الله"، محددة بخط أحمر يحمل اسم "خط 2024 الجديد" ويمتد من الساحل باتجاه الشرق عبر لبنان، ويبدأ الخط من نقطة على الساحل على بعد نحو 25 كيلومتراً شمالي الحدود الإسرائيلية ويمتد باتجاه الشرق على طول نهر الليطاني في الأغلب ثم يتفرع منه شمالي بلدة يحمر وبالتالي يتجاوز المنطقة التي نص قرار مجلس الأمن رقم (1701).
وفي مؤشر بالغ الأهمية على التخلي عن السلاح، حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن "المقاومة السياسية"، ولعلها المرة الأولى التي يتطرق فيها إلى هذا الأمر، مع ما يعنيه ذلك من تحوّل سياسي بالغ الأهمية.
الحصاد المر لحزب الله، كان حديث الطبقة السياسية والاعلامية في لبنان خلال اليومين الماضيين، فتحت عنوان "المقاومة" تأكل بيئتها والخسائر لا تُحجب "بإصبعين"، أكد الكاتب طوني عطية سقوط نحو 3823 ضحيّة و15859 جريحاً، وسحق نحو 35 قرية ومدينة بشكل كامل على طول 120 كيلومتراً، من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، فضلا عن تدمير أكثر من 100 ألف وحدة سكنية كليا او جزئيا، مع خسائر أولية في لبنان بنحو 8.5 مليارات دولار.
وقال: إنّ "المقاومة" التي وجدت من أجل "تحرير الأرض"، أكلت بيئتها ولن تستطيع حجب الخسائر والأهوال بإشارات نصرٍ مزيّف.