بعد 47 حكومة، و18 مجلس أمة، هل تطورت الكويت، أم أنها سقطت في بئر التراجع؟، لأن ثمة صفقات عقدت على حسابها، بين وزراء ونواب كان كل همهم ابتلاع أكبر قدر من كعكة المال العام والتعيينات، والمصالح الخاصة، وممارسات ليست من شيم أهل الكويت؟
طوال العقود الماضية لم تستقر الأوضاع السياسية، وتبعا معها الاقتصادية، ما تسبب بالكثير من الأزمات التي كان الكثير منها مفتعلاً، لذا كانت الناس ترى في كل نشاط مفيد حاجة ملحة للفرح، والتنفيس عن الذات، لهذا فإن فكرة "هلا فبراير" عبرت خير تعبير عن الكويت التواقة إلى الحياة، والفرح، والانفتاح، والتسامح والريادة.
لم يكن هذا المشروع من أجل التسوق فقط، إنما لتنشيط كل الفعاليات في البلاد، وبالطبع، مردودها سيكون فائدة كبرى على الاقتصاد الوطني، لهذا كان "هلا فبراير" أول شهر من هذا النوع في دول الخليج العربية، بل بالعالم العربي كله، وكانت تزدان كل الكويت بالفرح، والحيوية، والعمل الإبداعي.
للأسف، إن ذلك تبرم منه أصحاب الأيديولوجيات المتزمتة، وأصحاب المصالح الخاصة، الذين فرضوا على الحكومة التضييق على أنشطة هذا الشهر بداية، ثم وقفه بحجة جائجة "كورونا"، ومن بعدها التخلي عنه.
مع هذا المنع، وغيره الكثير من القرارات الارتجالية، الصادرة من قصار النظر، عشنا حالة من التأخر، لم تقتصر على الوضع السياسي، أو الاقتصادي فقط، إنما أصيب المجتمع بعطب كبير جرائها.
لقد أدرك صاحب السمو الأمير منذ البدء أن الخروج من مأزق التخلف يكون أولا بتطوير القوانين كافة، لأن الإصلاح الحقيقي يبدأ منها، على أن يكون العمل الوزاري نشيطاً، والعمل بأمانة، بلا أي مضايقات من هنا أو هناك. إذ تركت المرحلة الماضية ممارسات وقرارات ما أنزل الله بها من سلطان، خصوصاً سن قوانين قائمة على المصالح الذاتية الضيقة.
لهذا فرحنا كثيراً بإعلان إعادة "هلا فبراير"، لأنه دليل على الصحة، وأن الكويت بدأت تعود الى طبيعتها، وروحها التي حاولوا سلبها، كي يجعلوها أشبه بقاع صفصف، أين منها "تورا بورا".
لهذا عملوا على جعل زيارتها في هذا الشهر أشبه بالمهمة المستحيلة جراء الشروط التعجيزية للحصول على سمة الدخول، كما دفعوا الى إصدار قرارات متخلفة، ومنها على سبيل المثال، منع المقيم الستيني من تجديد إقامته، أو جلب أفراد أسرته، رغم أنه مقيم في البلاد منذ سنوات طويلة.
صحيح خسرت الكويت الكثير طوال تلك العقود، فتلك المرحلة كانت لها تركتها الثقيلة، ولهذا نقول: أعان الله العهد الجديد على إصلاح البلد، ولعل الوقت يسعف مجلس الوزراء، ومن جندوا أنفسهم لهذه المهمة الشاقة، للانتهاء من هذه الورشة الكبيرة سريعاً.
وفي هذا الشأن، كما تبشر أوساط العهد، فإن المستقبل يبشر بالخير لإعادة النقاء لمسار هذا البلد الذي كان رائداً في كل المجالات، وأن يعود الى الريادة والتراحم مرة أخرى، فكل من يراجع خطب صاحب السمو الأمير، يدرك أن سموه قرن الأقوال بالأفعال، وأصدر توجيهات للمسؤولين كي يعملوا بكل جهدهم لإعادة الكويت الى ما كانت عليه من ريادة وزهو.