التواضع فضيلة ومَنقَبة نادرة

حوارات

"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" (الفرقان 63).

الفضيلة هي الخصلة الشخصية الحميدة، والمنقبة هي السمة الأخلاقية التي يتفاخر بها الإنسان، ويرتفع بها شأنه عند الآخرين، وتندر فضيلة معينة عندما يقلّ وجودها بين الناس، أو في بيئات بشرية محدّدة، وما يجعل التواضع فضيلة، ومنقبة نادرة في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:

-شبكات التواصل الاجتماعيّ: يؤدي الانغماس المفرط في متابعة كل ما ينشر في بعض شبكات التواصل الاجتماعي الى تأثّر من يمارس هذا السلوك السلبي، ومقارنته لنفسه مع من يقرأ عنهم، ويراهم في الـ"سوشيال ميديا"، لا سيما القدوات السلبيّة لقوّة تأثيرها على متابيعها، ومن يخاطبون لذّات وشهوات وغرائز الآخرين، بهدف زيادة عدد متابعيهم.

وتتكوّن تدريجياً في عقل المتابع المشغوف إنطباعات مزيّفة عن الحياة الحقيقية، فيبدأ يهتم بالمظاهر الخارجيّة المزيّفة، حتى يصل الى مرحلة يبدأ يعتقد فيها أنّ الحياة الفعلية هي ما يراه فقط في شبكات التواصل، وأنها تدور فقط حول عشق الذّات، والتمتع التلذّذي، والمحصّلة الأخيرة لهذا السلوك السلبي هي العشق النرجسيّ للذّات (التكبّر).

-القبليّة، والطائفية، والفئوية الفوقيّة: الأثافي التي يطبخ عليها التكبّر، والتغطرس، والعنجهية هي التعصّب القبليّ العرقي، والتعصّب الطائفي الأعمى، والفوقيّة الفئوية الإقصائية، فلا عجب أن يندر وجود التواضع بين أتباع القبلية، والطائفية، والفئوية الفوقيّةّ!

-الحياة الماديّة وعبادة الذّات: يبدأ الانسان ينظر الى كل ما حوله من وجهة نظر ماديّة بحت، ويبدأ يتكبّر بسبب أنّ الانغماس في الحياة الماديّة البحت يدمّر الفضائل الأخلاقية الطبيعية، ويستبدلها بعبادة الذّات، والعياذ بالله.

-المثالية الأخلاقيّة المفرطة: يؤدي إعتناق المثالية الأخلاقية المفرطة الى إعتقاد الفرد أنه الأفضل أخلاقياً، وربما يبدأ يعتقد أيضاً بملائكيته، ما يؤدي حتماً الى تكبّره على الآخرين، وإفراطه في ردود فعله تجاههم، ولأنه يبدأ يعتقد أنه وحيد زمانه، وهو ليس كذلك إطلاقًا.

-التكبّر واقران السوء: يوسوس قرين السوء المتكبّر في نفس صاحبه ويغويه بشكل أشدّ تأثيراً من قرين الجِنّ، ويسكب في أذنيه ما يطغيه، ويجعله يعجب بنفسه بشكل جنوني.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi