بوتين شخصياً منح الأسد وعائلته اللجوء... ومجلس الأمن اجتمع حول سورية بطلب روسي
دمشق - عواصم - وكالات: نقلت صحيفة "واشنطن بوست"، عن مسؤول أميركي القول إن واشنطن لا تستبعد حذف "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب "لنتعامل معها من أجل استقرار سورية".
بدوره قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني بات مكفادن، إن بلاده قد تدرس رفع الحظر عن هيئة تحرير الشام، التي تقود تحالفا من الفصائل المسلحة، ساعد في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة البريطانية ستنظر في رفع الحظر عن هيئة تحرير الشام، قال مكفادن: "سننظر في الأمر. وأعتقد أن ذلك سيعتمد جزئيا على ما سيحدث من حيث طريقة تصرف الجماعة الآن".
وقال لإذاعة "بي.بي.سي": "أعتقد أنه يجب أن يكون قرارا سريعا نسبيا، وبالتالي يجب بحثه بسرعة كبيرة بالنظر إلى سرعة الوضع على الأرض".
وفي ألمانيا، قال متحدث باسم الخارجية: "معاملة هيئة تحرير الشام للأقليات ستحدد موقفنا منها".
في سياق آخر، عقد مجلس الأمن الدولي، أمس جلسة مباحثات طارئة مغلقة حول سورية، بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، بحسب ما أفادت مصادر ديبلوماسية متطابقة.
وقالت المصادر إنّ الاجتماع سيُعقد بطلب من روسيا. وفي وقت سابق، أعلن مساعد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، أنّ موسكو طلبت عقد اجتماع طارئ ومغلق لمجلس الأمن الدولي بشأن سورية.
وقال عبر تليغرام: "ربطا بالأحداث الأخيرة في سورية، والتي لم يتم حتى الآن تقييم تداعياتها على هذا البلد ومجمل المنطقة، طلبت روسيا إجراء مشاورات طارئة مغلقة في مجلس الأمن".
فيما قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن عملية الانتقال السياسي في سورية بعد سقوط الرئيس بشار الأسد يجب أن تشمل محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة حكمه.
وأوضح تورك في مؤتمر صحافي أن "عملية الانتقال السياسي يجب أن تضمن مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة ومحاسبة المسؤولين عنها"، مضيفا "يجب اتخاذ كل التدابير لحماية جميع الأقليات وتجنب الأعمال الانتقامية".
ودعا إلى محاسبة مرتكبي الجرائم السابقة في سورية، والحفاظ على الأدلة.
من جهته قال الكرملين، إنه من السابق لأوانه الحديث عن مستقبل القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سورية، مضيفا أن الموضوع قيد النقاش مع من سيتولى السلطة.
وذكر المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الرئيس فلاديمير بوتين هو من قرر منح الرئيس السوري بشار الأسد حق اللجوء في روسيا.
وأضاف بيسكوف أنه "لا لقاء مجدولا بين بوتين والأسد"، رافضاً الإجابة عن سؤال حول توقيت وصول الأسد إلى روسيا.
وقال بيسكوف للصحافيين: "ليس لدي ما أقوله لكم عن تنقلات الرئيس الأسد" موضحا أن "لا اجتماع (مرتقبا بين فلاديمير بوتين والأسد) على الأجندة الرسمية للرئيس" الروسي.
في غضون ذلك، قال مسؤول أميركي للصحافيين إن الولايات المتحدة تعمل مع العديد من البلدان الأخرى في الشرق الأوسط لمنع الأسلحة الكيمياوية، التي يمتلكها نظام الرئيس بشار الأسد من الوقوع في الأيدي الخطأ.
وتشعر الولايات المتحدة وحلفاؤها بالقلق من أن انهيار الجيش السوري وقوات الأمن الأخرى - والفوضى التي تجتاح البلاد - سيسمح للجماعات الإرهابية بالاستيلاء على الأسلحة الخطرة التي يحتفظ بها نظام الأسد.
ميدانيا، أفادت مصادر، بأن غارة استهدفت مخازن صواريخ في منطقة القلمون بريف دمشق، كما شنّت إسرائيل ضربات جوية في شرق سورية استهدفت مستودعات أسلحة ومجموعات موالية لإيران، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك بعيد إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
من جهته، قال مستشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي دميتري غيندلمان، إن القوات الإسرائيلية تقوم بإنشاء منطقة أمان "عزل" إضافية خارج منطقة الفصل على الجانب السوري من جبل الشيخ.
وكتب غينديلمان في منشور عبر منصة "تلغرام": "تواصل إسرائيل توسيع سيطرتها على منطقة الترسيم "الفصل" والنقاط الاستراتيجية الأخرى في جبل "هرمون" جبل الشيخ والمناطق المحيطة بها، بهدف تحييد التهديدات وتوطيد العلاقات مع المجتمعات المحلية هناك بما فيها الطائفة الدرزية".
وشدد على أن إسرائيل تعمل على إنشاء منطقة أمان إضافية خارج منطقة الفصل، وأنها ستواصل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتدمير الأسلحة الاستراتيجية والثقيلة على الأراضي السورية ومنع أي محاولات لاستئناف إمدادات الأسلحة من إيران إلى لبنان".
هل يصل الجولاني إلى حكم سورية ؟
جاءت زيارة أحمد الشرع إلى مدينة دمشق، أول من أمس، وقيامه بجولة في أحيائها شملت المسجد الأموي ذا الأهمية الدينية الرمزية، حيث التقط بعض الصور مع حشود المصلين، لتؤكد الفرضية السابقة.
حتّى قبل فرار الرئيس السوري بشار الأسد ومغادرته البلاد، كان ثمة إجماعٍ في سورية على أن رجل المرحلة المقبلة لن يكون سوى أحمد الشرع الملقب بأبي محمد الجولاني. وتكرس هذا الإجماع منذ نجاح "إدارة العمليات العسكرية"، التي قادت معركة "ردع العدوان"، بإشراف الجولاني نفسه في السيطرة على مدينة حماة والتقدم نحو حمص.
وكانت شكوك ثارت حول وجود شخصيات أخرى قد تسابق الجولاني إلى دمشق، على خلفية مسارعة فصائل الجنوب في درعا لإعادة تجميع قواتها ضمن ما سمته معركة كسر القيود، التي سيطرت بموجبها على المحافظة الجنوبية، معلنة توجهها بعد ذلك إلى دمشق. لكن التطورات التي تزامنت مع سقوط مدينتي حمص ودمشق، كشفت بما لا يدع مجالاً للشك عن أن المرشح الوحيد لخلافة بشار الأسد هو الجولاني، وأن ليس هناك أي منافس له.
وعزز ما سبق وجود مناخ دولي وإقليمي غير ممانع في وصول زعيم "هيئة تحرير الشام" باعتبارها مصنفة على قوائم الإرهاب الدولية إلى سدة الحكم في سورية، وإن اشترط ذلك في بعض تصريحات المسؤولين الغربيين والأميركيين بخضوعها للمراقبة للتأكد من "اعتدالها" خلال المرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد، وعليه، فإن طريق الجولاني إلى حكم سورية باتت مفتوحة من الناحية السياسية.
لكن هذا لا يعني عدم وجود حقول ألغام من شأنها أن تؤرق الجولاني، وربما تجعل وصوله صعباً، لا سيما في ظل توقعات بأنه بعد فترة الاحتفال بانتصاره على نظام الأسد سيستأنف العديد من الدول الصراع في ما بينها على حماية مصالحها في سورية.
وربما سمع الجولاني أثناء زيارته دمشق، أصوات انفجارات تسببت بها غارات جوية قامت بها الطائرات الإسرائيلية لضرب أهداف مختلفة في دمشق، بالإضافة إلى مسارعة تل أبيب إلى الإعلان بعد ساعات من الإطاحة بالرئيس السوري عن انهيار اتفاق فضّ الاشتباك الموقع بين إسرائيل وسورية عام 1974، ومباشرتها إنشاء منطقة أمنية بمنطقة الفصل التي ينصّ عليها الاتفاق.
وتعتبر سورية ذات أهمية ستراتيجية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، ومن الصعب التسليم بأن الدول الغربية وبعض الدول الإقليمية سوف تسلم ببساطة أن تحتكر تركيا الهيمنة عليها بما يعنيه ذلك من استبدال النفوذ الإيراني بأذرعه الشيعية، بالصولجان العثماني وأذرع الإسلام السياسي، التي تعتبرها دول عربية عدة خطراً على أمنها القومي.
كما أن سورية اليوم مقسمة إلى أربع حكومات، أصبحت اثنتان منها تحت سلطة الجولاني، وهما حكومة الإنقاذ التي تدير منطقة إدلب، والحكومة السورية التي كلفها الجولاني بتسيير الأعمال ريثما تتم عملية الاستلام والتسليم. كذلك هناك الحكومة الموقتة التابعة للائتلاف السوري المعارض التي تدير ريف حلب الشمالي، ضمن مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام"، ولم تسارع هذه الحكومة إلى ما سبقها إليه رئيس حكومة الأسد بإعلان استعدادها تسليم السلطة في مناطقها. وتشكل الإدارة الذاتية التي تدير مناطق نهر الفرات الواقعة تحت سيطرة قوات "سورية الديموقراطية" (قسد) التحدّي الأبرز في هذا السياق.
ومن بين التحديات التي قد تنفجر بوجه الجولاني انتشار الفصائل المسلّحة في جميع أنحاء سورية، حيث نسبة كبيرة من هذه الفصائل لا تقع تحت سيطرته، بل بعضها قاتل الجولاني في مراحل سابقة، لأنها ذات ارتباطات خارجية مختلفة.
وفي هذا السياق، يشكل الجيش السوري كذلك تحدياً كبيراً، قد لا تكون إدارته سهلة، وربما تتسبب بتوترات حادة.
وقد يكون الاختبار الأهم الذي بناء عليه سوف تمنح بعض الدول علامة النجاح في اختبار الاعتدال للجولاني هو طريقة تنظيمه لنقل السلطة إلى مؤسسات دستورية جديدة.
وهنا بالتحديد توجد الكثير من الألغام والفخاخ، التي سوف تختبر مدى قدرة الجولاني على إدارة التنوع السوري بأقسامه الدينية والسياسية والعرقية، كما أنها سوف تبين ما إذا كان الوجه الناعم الذي أبداه الجولاني منذ بدء عملية "ردع العدوان" هو وجه ثابت وراسخ أم كان مجرد قناع تتلطى خلفه قناعات مختلفة ومصالح تمثل امتداداً لأجندات بعض الدول وعلى رأسها تركيا.
طفلتان سوريتان تحتفلان بالنصر على طريقتهما