الجمعة 18 يوليو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إيران... عواصم العرب لا تريد نصائحك
play icon
الافتتاحية

إيران... عواصم العرب لا تريد نصائحك

Time
الاثنين 09 ديسمبر 2024
View
5460
أحمد الجارالله

‏فعلاً "شر البلية ما يُضحك"، إذ بعد سقوط النظام السوري، طلع علينا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قائلاً: "إن الرئيس بشار الأسد لم يطلب أبداً المساعدة، ولم يستمع إلى نصائحنا"، وكأن طوال 45 عاماً كانت تلك النصائح مجدية، وجلبت على سورية الازدهار!

ألم تكن طهران تحكم قبضتها على مصنع القرار في دمشق، وتعمل طوال تلك العقود، خصوصاً منذ العام 2011، على تغيير شامل لتركيبة المجتمع السوري، العقائدية والدينية، بل والاقتصادية أيضاً؟

أليس "الحرس الثوري" هو من أعمل سكينه في رقاب السوريين، ومعه الميليشيات الإرهابية الطائفية، من "حزب الله" اللبناني إلى العصابات الطائفية العراقية والأفغانية واليمنية، وغيرها الكثير ممن أوجدها نظام القهر الإيراني لتصدير ثورته الإرهابية؟

علينا أن نعود إلى التاريخ فيما حصل طوال أربعة عقود من النصائح التي أسداها النظام الإيراني للعراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وكذلك في اليمن الذي ابتُلي بجماعة الحوثي، وحين فرض على لبنان حزبه الشيطاني، فعاث فساداً في الأرض، ودمر في حروبه القرى والمدن، وقتل الآلاف من الأبرياء، وجعل بيروت، تلك العروس الجميلة، مجرد عاصمة للتخلف.

في هذا الشأن، أذكر أن أحد المفكرين اللبنانيين قال يوماً - بما معناه - لا خطر أن يكون في لبنان 18 طائفة، إنما الخطر الأكبر أن تحكمه طائفة واحدة، وهذا ما فعلته إيران، حين جلبت "حزب الشيطان" واحتكرت قرار إحدى الطوائف، فكان هذا الدمار الكبير، والانقسام المذهبي المقيت.

ألم يعمل الفلسطينيون بنصائح قادة طهران، فجلبوا عليهم الويلات، والقتل بالآلاف، والتدمير الكامل لقطاع غزة، والإبادة الجماعية، لأن قادة "حماس" استمعوا إلى تلك النصائح، إذ وعدوهم بالمن والسلوى، وجلبوا عليهم الجوع والفقر والقهر والموت؟

العواصم الأربع التي حكمتها طهران، بالتدليس والإرهاب والإغراء، كلها تحولت خرائب، فدمشق أقدم عاصمة في التاريخ أصبحت أشبه بمزرعة للإيراني، وكأنه هولاكو الجزار يفعل فيها ما يشاء، فيما بغداد الخلافة العباسية، مدينة العلم والعلماء، أضحت مستودعاً للقتل والفتن الطائفية، فتحولت شيعاً وعشائر، كل منها تقاتل الأخرى، فيما صنعاء أمست مسرحاً للبوم والغربان والحوثة الأشرار.

كل هذا جراء نصائح النظام الفارسي، رافع شعار "يا قدس إننا قادمون" وبدلاً من محاربة إسرائيل ساح إرهابه في العالم العربي كله، وقتل الآلاف من العرب والمسلمين السنة الأبرار!

كل العالم الإسلامي اليوم يعمه الفرح من خلاص دمشق نزار قباني وفارس الخوري، وغيرهما المئات من الشخصيات التي كتبت تاريخ الإبداع والانفتاح والألفة بين أبناء الشعب، من براثن نظام القمع الذي جثم على صدرها طوال 54 عاماً، وتكللت بالعار في السنوات الأخيرة لأنه أفسح في المجال للفارسي المتخلف كي يحكم عاصمة ياسمين الشعر والإبداع، ويدخلها في سراديب الجهل والخنوع.

ما جرى في دمشق، لن يبقى في حدودها، فالأخطبوط السام الطائفي بدأت تقطع أذرعته الواحدة تلو الأخرى، ولابد أنه سيصل إلى بقية العواصم الباقية التي تباهى يوماً الإيراني أنه يحكمها، ويقرر مصيرها، فيما اليوم يستعد اليمن للخلاص.

اليوم، هناك فرصة تاريخية كي يقول الشعب الإيراني العظيم كلمته، وبدلاً من إسداء قادة النظام النصائح للآخرين، عليهم أن يستمعوا لما يقوله الله تعالى، فقد قال في محكم التنزيل: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ"، فهل فيهم مؤمنون يدركون كلام المولى عز وجل؟

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار