الأحد 22 ديسمبر 2024
11°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
شكراً تركيا... 'Teşekkür ederim Türkiye'
play icon
الأولى   /   الافتتاحية

شكراً تركيا... "Teşekkür ederim Türkiye"

Time
السبت 14 ديسمبر 2024
View
6170
أحمد الجارالله

عندما يشاهد العالم كافة تلك الفظائع التي تكشّفت فور سقوط نظام الأسد، خصوصاً ما كان يجري في السجون، وآلاف المظلومين الذين هدرت حياتهم وأحلامهم في أقبية السجون، لأنهم ربما حلموا بوطن عزيز، فذلك يشرح، أقله، لماذا كانت فرحة العالم الإسلامي كبيرة جداً برحيل هذا الطاغية.

ما نشر عن المعتقلات في عموم سورية، والأساليب المستخدمة في التعذيب، ومنها سحق الأجساد في أدوات ميكانيكية محلية الصنع، ذكّرت العالم بما كان يجري في سجون "بعث صدام حسين"، وكأن هذا الحزب، بشقيه العراقي والسوري، تخصص بتلك الأساليب الفظيعة في التعذيب، كي يُسكت أي صوت يعترض حتى على أبسط الأمور.

في النظامين كانت الأدوات صناعة محلية، ومنها التذويب بـ"الأسيد"، أو مكابس سحق جسد المعتقل، وطحن عظامه.

هنا لا نتحدث عمّا قرأنا في التاريخ عن الـ"باستيل" الفرنسي، أو معتقلات سيبريا السوفياتية أيام ستالين، ولا أفران هتلر، أو غيرها من السجون المشهورة تاريخياً، إنما عن زمن لا نزال نعيشه اليوم.

عندما يعيش نحو 23 مليون نسمة تحت هذا القمع، وبهذه القسوة والوحشية، ولا يجد المواطن مفراً من الخضوع، فلابد أنه سيتجاوب مع أي حركة تخرجه من أتون ذلك الجحيم، حتى لو تعامل مع الشيطان كي ينصره على الظالم، فكيف إذا استعان الأخير بقوات أجنبية كي تساعده على الوحشية، خصوصاً حين تكون لا تمت للبيئة العربية وثقافتها بصلة، بل إنها تعمل على تغيير العقائد الدينية.

لهذا، كانت أول صلاة جمعة، أول من أمس، في المسجد الأموي، بالعاصمة السورية دمشق، بعد رحيل ذلك النظام البشع، توازي سقوط كسرى الثاني في القرن السابع الميلادي، وكأن التاريخ يكرر أن لا بد من يوم للظالم مهما تجبَّر، وزها بنفسه أن أحداً لا يستطيع إسقاطه.

فيما في المقابل، كان النظام الإيراني مطمئناً، ومنذ سنوات، إلى سيطرته على أربع عواصم عربية، كما قال وزير الاستخبارات عام 2015، حين دسّ السمّ في العسل عن أن "تصدير الثورة" حالة إسلامية، لكن من وجهة نظره إذ أطلق عليها "حالة ثورية منسجمة مع الدستور الإيراني".

يومذاك، أدرك بعض العرب خطورة هذه الرسالة من وزير استخبارات سابق، أي لديه كل المعلومات عما يخطط نظامه، إلا أنهم للأسف لم يحركوا ساكناً، وإذا صدق ما نشر عن لقاء جمع بشار الأسد وقاسم سليماني في العام 2014، وقول الأخير بما معناه إن لا بد من وجود قوات رديفة للجيش السوري شرط "أن تكون مؤمنة إسلامية"، فهذا يشرح انزلاق النظام البائد إلى إثارة الفتنة الطائفية، بشتى الوسائل، وخصوصاً كلامه عن مخاوف الأقليات السورية.

في الأيام القليلة الماضية، دحضت كل الشعارات التي أطلقها النظام الإيراني و"حزبه" اللبناني عمّا أسمي "سبي زينب مرتين" (رضي الله عنها) لتبرير تدخلهما في الشام.

في الوقت نفسه، يؤكد ما كان يرسم للإقليم عموماً، وليس لسورية، أو لبنان والعراق واليمن، فالشيطان استعان بشياطين كي يحافظ على حكمه، بينما كان لا بد للثورة من أن تستعين بنصير، مهما كان نوعه، فكيف إذا كان مسلماً وله تجربة مع النظام الإيراني، ويفهم المغازي التي سعى إليها؟

للأسف، إن بعض الدول العربية حاولت مجاملة نظام "البعث" السوري، وكأنها لم تتعلم من التجربة الصدامية العراقية، وبدلاً من ذلك راهنت على إعادة بشار الأسد إلى طريق الصواب، فيما كان يمعن بالقمع والانغماس أكثر بالمخطط الفارسي، لهذا كانت الثورة السورية عارمة، وقد أتت أكلها بعد 14 عاماً من الكفاح، فيما كانت قاعدتها الأساس تركيا، خصوصاً أن أنقرة أدركت منذ البدء أن النار في سورية ستعمُّ العالم العربي، ولن تقف عند حدودها فقط، لهذا سارعت منذ اللحظة الأولى إلى دعم تلك الثورة.

هذا الدعم كان من نصير مسلم يدرك المخاطر المحدقة بالإقليم ككل، إذا امتد الحريق إلى بقية الدول، لهذا حين نقول اليوم "Teşekkür ederim Türkiye" (شكراً تركيا)، فإننا لا نبالغ في ذلك، فهي كانت القادرة وحدها على الإيمان بعدالة القضية السورية، كما لا بد من تحية إلى الفصائل المعارضة، وإلى أحمد الشرع، فجميع هؤلاء آمنوا أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، ودمشق أقدم عاصمة في العالم لا يمكن أن تكون حصان طروادة لتفتيت العالم العربي.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار