قصص إسلامية
"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(سورة الأنفال آية:17)، وقال تعالى: "ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم".
لاحظوا أنَّ الفرحَ بهلاك الظالمين أمرٌ مقترنٌ بالإيمان واهله، وكل انسان ينظر في نفسه، وسيعرف حقيقة الأمر، هل كان مع الحق واهله، ام كان في خندق الباطل وحزبه.
أبارك للشعب السوري هذا الإنتصار المظفر.
ولقد رأيت هذا الشعب يخرّ ساجداً لله شاكراً له هذا النصر، وتحريره بعد أن ذاق الويلات نحو 54 عاماً من التنكيل والذبح، والقتل والإختطاف والتوحش... راح ضحية الطغيان نحو مليوني شهيد وجريح، وتشريد 12مليوناً من الشعب.
مع دخول العقد الثاني من "الربيع العربي"، تظل الثورة السورية إحدى أبرز المحطات في هذا المسار التاريخي. رغم التحديات الهائلة التي واجهتها، ورغم الكلفة الباهظة التي دفعها الشعب من دمائه وممتلكاته، إلا أن نجاح الثورة السورية لم يعد مرتبطًا فقط بإسقاط نظام، بل بتحقيق تغيير عميق يعيد صياغة العلاقة بين الشعب والدولة، ويؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها.
إن نجاح الثورة ليس مجرد حدث سياسي يتجلى في إسقاط النظام المتوحش، بل هو عملية مستمرة تسعى إلى تحرير الإنسان من القهر والاستبداد. فرغم القمع العنيف الذي تعرض له الشعب السوري، إلا أن صموده واستمراره في المطالبة بحقوقه الأساسية يُعد انتصاراً في حد ذاته.
لقد نجحت الثورة بكسر حاجز الخوف الذي دام لعقود، وأطلقت ديناميكية جديدة تُعيد للشعب دوره كمصدر للسلطة.
الثورة السورية نجحت أيضاً في إيصال صوت الشعب إلى العالم، وفي تحويل قضيته إلى رمز عالمي للحرية والكرامة.
أن الأمل الذي أشعلته لا يزال يلهم الملايين، ليس فقط في سورية، بل في كل مكان يرزح تحت الاستبداد والطغيان والتوحش.
إنه دورة جديدة من الأمل، وأن مطالب الحرية والعدالة الاجتماعية ليست لحظة عابرة، بل هي حتمية تاريخية. وجذوة التغيير لا يمكن أن تُطفأ بسهولة، وأن الشعوب لن تتوقف عن المطالبة بحقوقها مهما طال الزمن، وهذا يعني أن الفكرة الأساسية وراء هذه الثورات لا تزال حيّة، وهي أن الاستبداد ليس قدراً محتوماً على الشعوب، وأن التغيير ممكن إذا توافرت الإرادة الشعبية والإيمان بالمستقبل واستلهام الدروس الماضية بمزيد من النضج السياسي والتنظيم الشعبي، مما يزيد من فرص نجاحها في تحقيق أهدافها.
إن نجاح الثورة السورية يواجه تحديات كبيرة، بدءاً من التدخلات الخارجية، مروراً بالانقسامات الداخلية، لكن هذه التحديات لا تلغي الأمل، بل تُظهر أهمية العمل المشترك وتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التغيير.
من المهم أيضاً أن تدرك الشعوب أن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، وأن الثورات ليست خطاً مستقيماً، بل هو مسار متعرج مليء بالصعوبات.
ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال حاضراً، لأن الشعوب التي خرجت إلى الشوارع للمطالبة بحقوقها لن تقبل بالعودة إلى الوراء.
بل هي حقوق أصيلة تستحق النضال من أجلها، ورغم كل العقبات، يظل إيمان الشعوب بالتغيير أقوى من أي قمع، وسيأتي اليوم الذي تتحقق فيه أحلام هذه الشعوب في الحرية والعدالة، هو شهادة على أن الأمل يمكن أن يُولد من رحم المعاناة، وأن المستقبل لا يزال مفتوحاً أمام الشعوب لتكتب فيه قصصًا جديدة من النجاح والكرامة.
إمام وخطيب
[email protected]