لما كانت الثروة العقارية، تمثل ركنا له أهمية عليا في اقتصاد الأمة، الأمر الذي حرص عليه المشرع الكويتي، فنظم ملكية العقارات وكيفية انتقالها بالقانون رقم 5 لسنة ١٩٥٩ في شأن التسجيل العقاري، ثم أصدر قانون نظام السجل العيني رقم 21 لسنة 2019، كما أنه نظم حق الإنتفاع بهذه الثروة العقارية من خلال القانون رقم ٣٥ لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات والذي أدخل المشرع عليه عدة تعديلات بغاية المحافظة على تلك الثروة والموازنة بين حقوق الملاك وحقوق المستأجرين.
ولقد حرص المشرع الكويتي في جميع التعديلات التي أوردها على قانون إيجار العقارات على المحافظة على القطاع العقاري في الأمة، وضمان استمرار إقامة المباني بمختلف أنواعها استثمارية كانت أو غير استثمارية، لأنه في حالة الاحجام على البناء، فإن الوضع في سوق العقارات والإنتفاع بها سينتهي إلى زيادة في الطلب، وقلة في المعروض وهو الذي سيحكمه السوق بقواعده التي يحددها النظام الاقتصادي الحر وهو النظام الذي تأخذ به دولة الكويت، ومن ثم ترتفع الإيجارات.
وفي إطار سعي المشرع لحفظ حقوق مالكي العقارات فقد أدخل تعديلا على المادة (٢٦) من قانون ايجار العقارات بعدم قبول الطعن بالإستئناف على أحكام الإيجارات إلا إذا تم إيداع الأجرة المحكوم بها عند إيداع صحيفة الطعن، كما أجازت المادة (٢٦) مكرر من ذات القانون للمؤجر أن يسلك طريق أمر الأداء للمطالبة بالأجرة المستحقة وكل ما عليه هو أن يرفق بطلبه عقد الإيجار، وما يثبت حصول التكليف بالوفاء بالأجرة، وشهادة من إدارة التنفيذ بعدم إيداع الأجرة، ولا شك في أن المشرع عندما خوّل المؤجر هذه القدرة إنما قصد التيسير عليه عندما مكنه من الحصول على حقه، بغير طريق الدعوى. بل أن المشرع ومن قبيل الحرص منه، على استقرار قطاع العقارات وحتى لا يعرض هذا القطاع لأزمات في السكن على غرار ما تعاني منه دول أخرى، فقد أصدر المرسوم بقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٢٤ بتعديل بعض احكام المرسوم بقانون رقم ٣٥ لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات فنص في المادة الأولى من هذا المرسوم على إضافة مادة جديدة لقانون إيجارات العقارات وهي المادة (11) (مكرر) والذي نصت على أنه لكل من المالك والمستأجر الإتفاق على تصديق عقد الإيجار وجعله في قوة السند التنفيذي لاقتضاء الأجرة بعد إعذار المستأجر وتقديم شهادة بعدم إيداع الأجرة وذلك طالما أن عقد الإيجار ثابت بالكتابة، والأجرة معينة المقدار في العقد، وكان العقد موثقاً وفق أحكام قانون الشهر العقاري، فيصبح عقد الإيجار بمثابة السند التنفيذي الذي يمكن ان يفتح بموجبه ملف تنفيذ لدى إدارة التنفيذ المختصة، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية في هذا الملف.
كما أن هذا التعديل قد اشتمل على جانب آخر متعلق بالمحكمة التي تنظر استئناف أحكام الإيجارات عندما تضمن النص على إضافة فقرة جديدة للمادة ٢٦ من قانون إيجار العقارات والتي جعلت استئناف الأحكام الصادرة من دوائر الإيجارات من اختصاص المحكمة الكلية بهيئة استئنافية كما نصت المادة الثانية من هذا المرسوم على إحالة جميع الدعاوى المنظورة أمام محكمة الإستئناف بجميع دوائرها للمحكمة الكلية عدا الدعاوي المحجوزة للحكم.
هذا ولا شك من أن هذا التعديل يخفف من وطأة إطالة أمد التقاضي، ويمكن كل مؤجر من أن يتقاضى حقه في موعده ويحفز المستأجرين على الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية فيؤدون الأجرة المستحقة عليهم في مواعيدها القانونية.