تصاعد أصوات الاحتجاج ضد قادة النظام بسبب التلوث والإغلاق وتعطُّل الحياة وانقطاع الكهرباء
طهران - وكالات: منذ 11 ديسمبر، البلاد تعيش حالة من الإغلاق التام، إذ تعطلت الحياة تمامًا في 23 محافظة، بينما تعاني المحافظات الأخرى من شبه إغلاق نتيجة نقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، وتلوث الهواء.
الإغلاق، الذي شمل المدارس والدوائر الحكومية بحجة تلوث الهواء وشدة البرد، يعود في الواقع إلى نقص الوقود وانقطاع الكهرباء، وما زال مستمرًا في العديد من المناطق. ولم يسلم التعليم العالي من هذه الأزمة، حيث أعلنت الجامعات رسميًا عن استمرار الدروس بشكل غير حضوري حتى نهاية الفصل الدراسي.
بالإضافة إلى الجامعات والدوائر الحكومية، صرّح رئيس غرفة الحرف والصناعات في طهران قائلًا: "يتوجب إغلاق المتاجر الكبرى التي تبيع السلع غير الضرورية"، محذرًا من أن المتاجر المخالفة ستُغلق بالشمع الأحمر (وكالة تسنيم – 16 ديسمبر).
منذ 12 ديسمبر، بدأت انقطاعات الكهرباء المتقطعة تضرب المدن الكبرى، خاصة طهران. في البداية، ادعى مسؤولو حكومة بزشكيان المخادعة أن هذه الانقطاعات تهدف إلى تقليل استخدام المازوت في محطات توليد الكهرباء للحد من تلوث الهواء. لكن الأيام الأخيرة كشفت عن كارثة أكبر، حيث غرقت مدن مثل طهران وتبريز ومشهد وأراك والبرز في موجات شديدة من تلوث الهواء بسبب حرق المازوت في محطات الطاقة.
واعترفت المصادر الحكومية بأن عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء في البلاد قد يصل إلى 50 ألف شخص. ومن بين الأسباب الرئيسية لهذه الكارثة هو حرق المازوت. ووصف بعض الخبراء الأمر بعبارات صارخة قائلين: "قرار حرق المازوت كان بمثابة إصدار أمر بقتل الناس" (مواقع "جوان أونلاين" و"تابناك" – 13 ديسمبر). جاء ذلك في وقت كان بزشكيان قد تعهد فيه سابقًا بوقف استخدام المازوت تمامًا.
الضغوط الاقتصادية الناتجة عن انقطاع الكهرباء وتعطيل الأعمال طالت بشكل خاص العمال والكادحين وأصحاب الدخل المحدود، الذين أصبحوا عاجزين عن تأمين أبسط متطلبات حياتهم اليومية بسبب البطالة.
في ظل هذه الظروف غير القابلة للتحمل، تصاعدت أصوات الاحتجاج واللعنات ضد قادة النظام في كل مكان، من طوابير الانتظار إلى الحافلات وسيارات الأجرة.
وفي هذا الوضع المتأزم، يحاول قادة النظام استغلال حيل دعائية لإظهار التضامن مع الشعب. على سبيل المثال، قال قاليباف في خطاب له: "لا يعقل أن تكون بلادنا الأولى عالميًا في النفط والغاز ونحن في هذا الوضع… لماذا نعجز عن حل هذه المشكلات؟" (تلفزيون النظام – 11 ديسمبر).
أما بزشكيان، الذي يكثر من مدح خامنئي ويتخلل تصريحاته بالدعاء لروح خميني، فقد أقر مؤخرًا بتدهور الأوضاع قائلاً: "بعد 40 عامًا، لم يكن يجب أن نصل إلى وضع نعجز فيه عن تقديم الخدمات للكثير من المناطق في البلاد" (تلفزيون النظام – 11 ديسمبر).
لكن الجميع يدرك أن المسؤول الأول عن هذا الوضع الكارثي هو النظام الكهنوتي البغيض وشخص خامنئي نفسه، الذي أهدر ثروات البلاد ومواردها في مغامرات حروب، إرهاب، وقمع، بينما لم يُخفّض حتى في هذه الظروف من صادرات الكهرباء والوقود. وتؤكد المصادر الحكومية أن "إيران تعد واحدة من أكبر مصدري الكهرباء في المنطقة، حيث تزود العراق بأكثر من 40% من احتياجاته الكهربائية" (موقع "فراز" الحكومي – 17 ديسمبر).
إلى جانب ذلك، يُهرّب يوميًا ما بين 20 إلى 30 مليون لتر من البنزين والوقود خارج البلاد، وهو تهريب يعرف الجميع أنه يتم تحت إشراف الحرس. كما تُستهلك كميات كبيرة من الكهرباء في مزارع العملات الرقمية التي يحتكرها الحرس.
عجز النظام، الذي يواجه أزمات داخلية نتيجة انهيار حليفه الأبرز نظام الأسد وضياع مليارات الدولارات التي أهدرها خامنئي، يتزامن مع غضب شعبي متزايد إزاء الظروف المعيشية الصعبة. هذا الوضع يشير بوضوح إلى أن تجميد البلاد ما هو إلا جمر تحت الرماد. النظام، المعروف بالإعدامات والمجازر، لن يكون له مهرب من مواجهة نيران الثائرين وغضب الشعب المتفجر.