أيدت الكويت، وأهلها، ما طرحه صاحب السمو الأمير برؤياه الثاقبة حيال تنظيف الهوية الوطنية، وكلنا سمعاً وطاعة في سبيل هذا الأمر.
نعم، أفرح ذلك الجميع، من كل المكونات، فما يراه ولي الأمر لا بد أنه يحمل الفائدة للمجتمع، فالله يزع بالسلطان ما لا يزع في القرآن، ولسموه الحكمة في معالجة هذا الملف المعقد والحساس جداً، كي لا يُضام أحد، فولي الأمر يعرف ما في بلده، وهو الأعلم بكل ما يحيط بهذه القضية.
في هذا الأمر الجميع يتابعون ما يجري، خصوصاً ما يتعلق بالمزورين والمزدوجين، الذين دلسوا، وأخذوا حقاً ليس لهم، وكذبوا، ما يعني أن لا أحد منهم يؤتمن على المصلحة العليا للوطن.
لكن يبقى ألا يختلط الحابل بالنابل، وحتى لا يُضار أحد يعيش في كنف ولي أمر أخذ على عاتقه ألا يُظلم أحد في بلاده، ولا تُظلم امرأة ربت نسلاً تفتخر فيه الكويت، فهؤلاء الأبناء نذروا أنفسهم وعلمهم في سبيل وطنهم، الذي لم يعرفوا وطناً غيره.
لذا، نسأل مجلس الوزراء، حتى لا يختلط الأمر على المسؤولين التنفيذيين: ثمة أمهات نذرن حياتهن لأزواجهن وأولادهن، فما ذنبهن جراء تداعيات هذا الإجراء، وهن لم يُزيّفن، بل عملن وفق صحيح القانون، كما كان جارياً في ذلك الوقت؟
هؤلاء النسوة، عملن وفق طلب أزواجهن، فتخلين عن جنسياتهن، وعشن مع أبنائهن الكويتيين، مواطنين، ورزقن بأولاد، الكثير منهم اليوم أطباء، ودكاترة علوم ومحامون، وأساتذة جامعات، وضباط في مناصب عليا، وكذلك منهم سفراء، ووزراء ووكلاء، ومن كبار القوم، وسادتنا، وحكامنا، ولعل هؤلاء النسوة نالهن ما نال مزيف أو مزور.
أولئك النسوة أنشأن نخبة من النسل محل ثقة قادتنا وكبارنا، وهم يعملون بأمانة لخدمة وطنهم، لأن هناك أمهات سهرن على تربيتهم على حب الكويت، بل ماذا عمن قدموا حياتهم في سبيل الكويت، وتحريرها، فهؤلاء بذلوا دمهم من أجلها، وحينها لم يفكروا لا في امتيازات، ولا مال، بل كان إيمانهم بالكويت، وعزتها، وتحررها، وعز حكامها وقادتها، وهم سيوف العدل، الذين أقسموا على ألا يظلموا أحداً.
نعم، فرح الكويتيون حين أطلق ولي الأمر، سيد البلاد وسيف عدلها، إشارة البدء بحفظ نقاء الهوية الوطنية، وتخليصها مما شابها من تزوير ورشاوى.
في المقابل، يعرف الشعب أن صاحب السمو لن يرضى بظلم أحد، فالكويت طوال تاريخها لم تكن ظالمة لأحد، لأن من شيم حكامها، وعلى مرّ الزمان، رفض الظلم، أياً كانت أسبابه.
صحيح أن الجميع يؤيد معاقبة المزورين، وكذلك الفاسدين الذين سهلوا ارتكاب هذه الجريمة، كي ينظف ملف الهوية الوطنية الشائك، فيما هناك فئة تشعر أن الغبن وقع عليها، ونعني زوجات الكويتيين، إذ حصلن على الجنسية وفق صحيح القانون الذي كان سائداً في تلك المرحلة.
لهذا، من المفيد النظر في تعديل القانون، ليعالج هذا الأمر، حتى لا يطول شريحة من المواطنين، وهذا بيد مجلس الوزراء.
فالدول تعمل من أجل تعزيز الانتماء الوطني، الذي يبدأ من الاستقرار النفسي والاجتماعي، وشعور المواطن أنه يدافع عن وجوده من خلال دفاعه عن أرضه وبلاده، وهذا يكون عبر تكوين علاقة إيجابية راسخة تربطه بوطنه، كي يترجم ذلك واقعاً بممارسته اليومية، فلا يشعر بالإحباط، أو ما ينغص حياته.
وهنا نعيد التأكيد، أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع في القرآن.