في الاجتماع الأسبوعي الأخير الموافق يوم الثلاثاء بتاريخ 31 ديسمبر 2024 لمجلس الوزراء، تم اتخاذ قرار بتفعيل لجنة مبادرات التنمية الحضرية الخضراء، بهدف توحيد الجهود الحكومية وتسريع تنفيذ المبادرات البيئية التي تعزز الاستدامة وتحدّ من التحديات البيئية. هذه الخطوة تأتي في إطار ستراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الحياة، وتعزيز التنوع البيولوجي في المدن.
ولضمان نجاح هذه المبادرات، يجب الاستفادة من النماذج الناجحة عالمياً، والتي تتبنى هذه المبادرات للإسهام بشكل كبير في مكافحة ظاهرة التغير المناخي، من خلال تحسين نوعية الهواء وتقليل الانبعاثات الكربونية. تعمل هذه المبادرات على تحقيق التنمية المستدامة التي توازن بين النمو الحضري وحماية البيئة، وتساهم في توفير حلول بيئية مبتكرة للتحديات التي تواجهها المدن الحديثة.
ومن الأمثلة التطبيقية الناجحة حول العالم:
حدائق مدينة سيدني الأسترالية إذ تعد مثالاً متميزاً على تطبيق مبادرات التنمية الحضرية الخضراء الحديثة، ولقد قدمت تقريراً مفصلاً الى رئيس مجلس الإدارة للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية عن زيارتي.
عدد الحدائق العامة: 433 حديقة.
في هذه الحدائق، يتم استبدال الأشجار والشجيرات بأنواع لا تحتاج إلى صيانة مستمرة، وتستهلك مياه أقل. كما تستخدم تقنيات حديثة مثل أنظمة الري الذكي، مما يساهم في تقليل تكلفة الصيانة وتحقيق استدامة بيئية طويلة الأمد.
مشتل البحر الاحمر، وهو إحدى المبادرات البيئية الرائدة في المملكة العربية السعودية التي تم إطلاقها لتعزيز الاستدامة البيئية، وتحقيق التنمية الخضراء في المنطقة. يهدف هذا المشتل إلى دعم جهود التشجير، وتحسين البيئة الحضرية من خلال توفير نباتات وأشجار محلية تتناسب مع المناخ الصحراوي القاسي. يقع المشروع على مساحة مليون متر مربع، ويوفر الغطاء النباتي لوجهتي البحر الاحمر، ويهدف إلى إثراء الطبيعة ووضع معايير جديدة في التنمية المستدامة وتم زراعة خمسة ملايين شتلة، ويتم زراعة 30 مليون شتلة ويعمل فيه 350 فرداً نسبة 40 في المئة منهم سعوديون؛ من اهالي المنطقة.
عمل المشتل على مشاريع كبيرة لإعادة تأهيل الأراضي القاحلة في المنطقة من خلال زراعة الأشجار والنباتات التي تسهم في تجديد التربة/ وحمايتها من التعرية. ايضاً، يعد مشتل ورسان التابع لبلدية دبي من أبرز المبادرات البيئية التي سبق أن أشارت اليها في مقالتي بجريدة "القبس" بتاريخ 20 أغسطس 2024، التي تسهم بشكل كبير في تعزيز الاستدامة الخضراء في الإمارة.
ويعدّ المشتل نموذجاً فريداً في استخدام التكنولوجيا الحديثة لتلبية احتياجات الزراعة التجميلية.
يُدار هذا المشتل باستخدام الذكاء الصناعي بنسبة 100في المئة، حيث تصل طاقته الإنتاجية إلى 70 مليون شتلة سنوياً. يمتد على مساحة 36 هكتاراً، ويعمل بنظام الإنتاج الآلي مع قدرة على إنتاج 480,000 شتلة يومياً.
التوصية ورؤية للمستقبل:
تتنوع المبادرات بين مشروعات تشجير حضرية، ومشاريع تهدف إلى مكافحة التصحر، ومن خلال استلهام النماذج الناجحة التي سبق ذكرها، يمكن للكويت أن تطور مشتلاً عالمياً يساهم في تحسين البيئة الحضرية، ويعزز من استدامتها.
يجب تجهيز المشتل العالمي في الكويت باستخدام أحدث التقنيات لتقليل الاعتماد على العمالة البشرية، وتسهيل عمليات الزراعة والإنتاج، ومن أبرز العمليات الأساسية التي يجب أن يتضمنها هذا المشتل:
التشتيل: لزراعة النباتات بشكل محكم في بيئة مثالية.
نقل الجذور: من المشتل إلى القوارير الصغيرة والكبيرة لضمان انتقال صحي للنباتات.
التطعيم الحديث: باستخدام الآلات المتطورة لضمان جودة إنتاج عالية.
إضافة إلى ذلك، يحتاج المشروع إلى بناء بيوت زراعية عالية الإنتاج وفقا للمواصفات العالمية التي تشمل:
تغطيات متنوعة مثل الزجاج، الـ"بولي كاربونيت"، والتظليل الذكي للتحكم في درجات الحرارة.
أنظمة متطورة للتهوية، والتبريد، والتدفئة، وكذلك التسميد لضمان نمو النباتات بشكل سليم.
ويفضل أن يتم اعتماد أنظمة آلية لتحويل وإنتاج النباتات وتقليل الحاجة إلى العمالة المكثفة، ويجب أن يكون المشتل قادراً على إنتاج:
80 مليون زهرة سنوياً وفقاً للمواسم.
50,000 نبتة زينة داخلية.
100,000 شجرة ونبتة لتزيين الشوارع والحدائق العامة.
يستدعي هذا المشروع مساحة لا تقل عن 500,000 متر مربع، مع تنفيذ المشتل على خمس مراحل تمتد على مدار عشر سنوات.
فوائد المشتل المركزي:
• ضمان الحصول على أفضل المنتجات المجربة: من خلال الاعتماد على تقنيات متطورة وابتكار مستمر.
• تقليل الاعتماد على العمالة: عبر استخدام الأتمتة في مختلف العمليات.
• تلبية جميع احتياجات الزراعة التجميلية: سواء في الداخل، أو الخارج، مما يعزز من جودة الحياة الحضرية.
• إجراء تجارب على أصناف متعددة: لضمان تحقيق أفضل النتائج في الزراعة وتحقيق استمرارية الإنتاج.
يجب أيضاً إنشاء جهاز إشرافي متخصص لمتابعة كل المقاولين المسؤولين عن زراعة النباتات، لضمان أن تكون النتائج دائمة ومستدامة.