من وطأته الأعْين وطأته الأرجل

حوارات

تطأ أعين الناس الفرد عندما يسهل عليهم، في كل وقت رؤيته وسماعه، وربما لأنه يأتيهم بإفراط، ويرون وجهه متى يشاؤون.

ومن يصبح سهل المنال من عامة الناس، ربما يصبح مع مرور الوقت مملولاً بالنسبة لهم، وربما يجترأون عليه، ويستخفّون به.

ومن بعض فوائد اعتزال الأنام، من آن لآخر، نذكر ما يلي:

-تنقية العقل والقلب من الرواسب: تتجمّع رواسب فكريّة ونفسيّة فوق شخصية الانسان، بسبب احتكاكه المستمر مع مختلف أنواع الشخصيات، لا سيما أصحاب الصفات السلبيّة والسميّة، وربما تؤدي هذه البقايا السلبية الى انسداد قنوات التفكير والعواطف الشخصية، بسبب عدم توافقها مع طبع الفرد أو أخلاقه، ويمثّل الاعتزال المتكرّر فرصة ذهبية للمرء لإعادة تنظيف وتنقية المسارات الحياتية الطبيعية الخاصّة به.

-اعتزال الأنام لحماية الحدود الشخصية: تتحطّم الحدود الشخصية أحياناً على أيدي الوقحين، والهمجيّين والأشخاص السيّئين، ولا بد للإنسان أن يعيد تعريف حدوده النفسية والفكرية والأخلاقية، عن طريق إعادة تأكيد مبادئه، وآرائه الأساسية، والخلوة بالنفس بين الحين والآخر، بهدف إعادة تأكيد الذّات، فهي أفضل السبل لحماية النفس.

-الحفاظ على الهيبة: تشير هيبة الشخص الى إحترام عامة الناس له بسبب إحترامه لهم، وخصوصا لاحترامه لنفسه أثناء التعامل معهم، ومن تطأه الأعين في كل وقت، لا بد أن يفقد هيبته وتطأه أرجل الوقحين، ولو بعد حين.

-الاستقلالية الفكريّة: يتأثّر الفرد بالبيئة المحيطة سلباً وإيجاباً، وفي كلا الحالتين سيفقد أجزاء معيّنة من إستقلاليته الفكريّة، مثل أصالة آراءه، فلا يعرف ما هي أفكاره وآراءه الأصلية، وما هي العناصر الخارجية التي اختلطت بها.

ومن يعتزل الناس بين الحين والآخر ينزع عن عنقه قيود المحاكاة والتقليد الأعمى، ويستطيع حماية عقله من التأثّر المُفرِط بالآخرين.

-درء المُتطفّلين والحشريّين: قّلة اختلاط الفرد بالآخرين تَصُدُّ عنه من يتدخّلون في ما لا يعنيهم، وبخاصّة الفضوليين جداً منهم.

-الخلوة بالله عز وجل: يخلو المرء بربّه عزّ وجلّ لبعض الوقت في اليوم، فتعفّ نفسه عن ملذّات وإغراءات الحياة الدنيا، ويزيد يقينه، ويعمّه وقار الدين، وتقوى شخصيته، ويصبح عزيز النفس قَسوَرة!

كاتب كويتي

@DrAljenfawi