مساحة للوقت
في هذه الحياة الإنسان يمر بالعديد من المحطات التي يتعرف فيها على شخصيات لها أثر ملموس في حياته المهنية، والاجتماعية، والثقافية، وكذلك في حياته الأولية كالطفولة، ثم الصبا، فالمراهقة، ثم عندما يصبح شاباً يانعاً، وأخيراً رجلاً.
ولاشك هناك شخصيات لها تأثير إيجابي لا ينسى، حتى واذا تقدمنا بالعمر، تبقى الخواطر والاحداث والشخصيات المؤثرة في حياتنا راسخة لأنها حكايات.
ربما تتكرر على الانسان مع عدد من الشخصيات الذين تعايش معهم، لذلك يكون هذا الرسوخ بالذاكرة والضمير خالداً ومؤثراً وباقياً لزمن طويل، لا ينسى مهما ابتعدت هذه الشخصيات عنك لكنهم باقون ماثلون بأفعالهم معك، او بكلماتهم التي تأثرت بها، واحيانا بسلوكهم الانساني، سواء معك او مع الاخرين.
ومن هؤلاء، أقرباؤك، أصدقاؤك، وحتى مرؤوسيك بالعمل، ولا شك ان الكثير منا يتأثر بأصدقاء المناطق والفرجان التي عاش فيها، وكذلك بالمدارس والمعاهد، والجامعات، والبلدان التي درس فيها، أو زارها للفسحة والاستجمام. من هنا نجد ان الإنسان يظل عالقاً بذكريات طفولته وحياته مع الآخرين، لدرجة التأثر المباشر إلى الابد، لا ينسى لحظات السعادة والبهجة، والمرح التي عاشها مع هؤلاء الأشخاص، على الدوام تطوف ذكرياتهم وتكون ماثلة امامه.
من هنا أقول إن سعادتي كبيرة اليوم بالتواصل مع كل اصدقاء طفولتي، وصباي، وشبابي، واغلبهم ممن درسوا معي من الابتدائية من عام 1958، ثم في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وكذلك في معهد المعلمين والجامعة.
كذلك اصدقائي الذين صاحبتهم في العمل بالعديد من الجهات التي عملت فيها من عام 1975وحتى التقاعد عام2007، ولا ازال أذكر تلك الفترات الجميلة بتفاصيلها، واحداثها المهمة، واغلب الرفقاء الذين كانوا معي، ولا أنسى كذلك اصدقائي، ورفاق الحياة ممن صاحبتهم في ممارسة هواياتنا الرياضية بالأندية، ومراكز الشباب، وفي الحارات والفرجان.
انها صفحات جميلة من الذكريات الرائعة التي ستظل عالقة بالذاكرة، وبالطبع لا يمكن ان أنسى الذين فقدناهم من حياتنا من اصدقاء وأحبة، وأقارب، سكنوا صفحة مضيئة من الذاكرة في حياتنا، رحمهم الله جميعا وأحسن مثواهم في الجنة، وسيبقون لاشك في ذاكرتنا لا يمحوهم النسيان.
ومن هذه المساحة استذكر قامة، وشخصية راسخة في ذاكرتي، لأنه كتلة من الشخصيات النادرة، رافقته في مسيرة حافلة وطويلة منذ سنوات العمل التربوي والنقابي في وزارة التربية، وحتى اليوم لا تزال هذه المساحة من الوفاء والاحترام والتقدير والصداقة، تجمعنا لأنه في الحقيقة مرشدي ومعلمي، ومدرستي الرشيدة بالإخلاص والعطاء والتميز والإبداع والتواضع والحكمة.
رجل المواقف التي لا تنسى، مهما بلغت الذاكرة من ضيق، لن تفقد مساحتها في ذاكرتي، ولن تضيء لها سوى سماع كلمات الحب والتقدير والوفاء، والثناء والفخر والاعتزاز، التي أسمعها على الدوام عبر الهاتف، سواء برسالته الحانية بعباراتها الأبوية الصادقة، او مكالمة مباشرة بتفضله للسؤال عن أحوالنا، ولقاءاتنا المقبلة معه بعد عودته من رحلاته المكوكية.
انه الاخ الكبير والعزيز الدكتور رشيد الحمد، محيط التواضع، وبحر الانسانية، ومدرسة الوفاء والكرم، والاخلاق النبيلة، انه بلا شك، ومهما نقول عنه، فلن نوفيه حقه علينا.
منه تعلمنا الكثير من الحكمة والصدق والوفاء، نعم بوحمد، الله يحفظه، رجل لن أنساه لأنه حقيقة مدرستي وقدوتي بالتفاني والتواضع والوطنية الصادقة، نعم هو شخصيتي المتميزة بهذه الحياة، ولن أنساه ما بقيت، لان كل القيم الانسانية مجتمعة بشخصيّته الطيبة الكريمة.
من هنا أؤكد على شخصيات في حياتي لن أنساها، حفظها الله جميعا، والحمد لله على نعمة الصداقة الصادقة والطيبة في هذه الحياة الكريمة، دكتور رشيد الحمد، أستاذي مع التحية.
كاتب كويتي
[email protected]