كلوروفيل
هي ليست قضية جديدة، وليست المشكلة الكبيرة، فهي مسألة قرار متخصص، ومتابعة جادة.
انها قضية الأشجار الميتة في شوارع ومناطق الكويت، المرتبطة بالصحة والبيئة المستدامة، والمنظر العام.
هي ليست قضية جديدة لأننا نعاني منها منذ زمن ليس بعيدا، ولم يوجد لها حل جذري لعلاجها، وليست مشكلة كبيرة لأنها فقط تحتاج الى دراسة متخصصة، واختيار نوعية النبات والأشجار الملائمة لبيئة الكويت ومناخها.
وتحتاج أيضا الى قرار نافذ لإطلاق حملة تشجير مناسبة، ومتابعة جادة لتنفيذ هذه الحملة الوطنية، لتأهيل بيئة خضراء، وصحية في الكويت.
ومما لا شك فيه أن سلبيات اهمال التشجير، والتقصير في حل المشكلة، هي العشوائية في أنواع الأشجار، ومناطق الزراعة، التي تساهم أيضا في هدر الجهد والمال العام، وهو واضح للقاصي والداني، وتشويه المنظر في الشوارع لا يغطيه منخل.
ما الذي حدث، هل هذا هو مصير الشجرة المعمرة والمباركة، شجرة الخير الشامخة الباسقة، النخيل، الذي أهمل منذ فترة في الشوارع، وظل صامداً الى أن لفظ أنفاسه الأخيرة ومات واقفاً؟
النخلة شجرة مدللة، تحتاج الى عناية ورعاية فائقة، وتتطلب كميات ري بمياه عذبة دائمة، والى تكريب، وتسميد، ومتابعة دورية، ومكانها الطبيعي في البيوت والحدائق والمزارع، وليس لتزيين الشوارع، فهي بذلك أصبحت عديمة الجدوى ليس لها ظل وافر، وتكتسي بالغبار والملوثات الصادرة من عوادم السيارات، والرصاص، وانتاجها ضار جدا على المناخ والبيئة والصحة.
تؤكد الدراسات العلمية لخبراء الآفات والحشرات أنها مستودع لكثير من الآفات الفتاكة، منها سوسة النخيل والتي تعتبر نوعاً من أنواع الخنافس الشرسة، التي تهاجم أشجار النخيل، وتقضي عليها، ويصعب اكتشافها مبكرا، وتنتشر بالطيران لمسافات، وتكون خطرة على المنازل المجاورة، وكذلك العناكب والحفارات، وهي بذلك أصبحت حاضنة للأمراض، وبيئة لتكاثر وانتقال الآفات، ولم تكن منظراً جمالياً قط.
لذلك نرجو من أصحاب القرار تبديلها الى نباتات بيئية معمرة، مثل السدر، التي تتمتع بظلال وافرة وخضرة دائمة طوال العام، وكذلك بشجرة الدفلة التي تتحمل الري بمياه مالحة، وهي مقاومة للظروف الجوية، وجميلة الشكل والأزهار، وتستخدم كمراكم حيوي لمعرفة الملوثات في الجو.
لذا نحتاج الى قرار صارم يعيد للنخلة هيبتها، ويعيدها الى مكانها الطبيعي داخل المنازل، والمزارع، وإعادة تكريمها وتدليلها لتعطينا الثمار.
تضافر جهود أجهزة الدولة المعنية أصبح ضرورة ملحة في الوقت الحالي لحل المشكلة، وزيادة الوعي البيئي، ونقترح تشكيل لجنة، أو فريق عمل يضم ممثلين عن هيئة الزراعة وهيئة البيئة وبلدية الكويت، ومعهد الأبحاث العلمية، وبالتعاون مع الجمعيات الأهلية المتخصص بالبيئة والزراعة، والجمعيات التعاونية، لبحث الحلول اللازمة لمشكلة موت أشجار الشوارع، وخصوصا النخيل، وتنفيذها لتحقيق الوصول الى بيئة خضراء مستدامة.
ان أشد المشكلات خطورة، هي التي تؤدي الى اهدار، او تفويت مصلحة ضرورية، كالتلوث، وتشويه الناحية الجمالية، لما لها من أثر بالغ على الأجيال القادمة... والى مستقبل أخضر مثمر ان شاء الله.
دكتوراة علم نبات، كاتبة كويتية