الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعرض رسالة سلفه جو بايدن ويوقع أوامر تنفيذية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (وكالات)
استهل يومه الرئاسي الثاني بمراسم دينية في الكاتدرائية الوطنية وبدا عازماً على تسريع تنفيذ عشرات المراسيم
واشنطن، عواصم - وكالات: مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مستفتحاً ولايته الثانية، أثارت قراراته بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ وعزمه استعادة قناة بنما وتأكيده أن على الدنمارك أن تتقبل فكرة التنازل عن غرينلاند، عاصفة من الجدل الدولي أمس، وبينما أعربت منظمة الصحة العالمية عن أسفها، معربة عن أملها في أن يعدل ترامب عن قراره، مؤكدة أنها تلعب دورا حاسما في حماية صحة وأمن شعوب العالم، بما في ذلك الأميركيين، قائلة إنها "لنحو سبعة عقود، أنقذت والولايات المتحدة أرواحًا لا حصر لها وحمت الأميركيين وجميع الناس من التهديدات الصحية"، بدأت دول أوروبية تتحسس رأسها، حيث دب القلق في كواليس الرئاسة الفرنسية والمستشارية الألمانية على السواء، ناهيك عن دول حلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي عامة، لاسيما بعدما شوهد قادة من أقصى اليمين الفرنسي والألماني بين حضور حفل تنصيب ترامب، فيما غاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس.
وجاءت أولى إشارات القلق صريحة على لسان رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرو، الذي اعتبر أن الولايات المتحدة قررت اتِّباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدَّق من خلال الدولار، وعبر السياسة الصناعية، والاستحواذ على كل الأبحاث والاستثمارات، ورأى أنه على فرنسا وأوروبا الاستعداد وتسلم زمام الأمور وإلا ستخضع للهيمنة وتتعرض للسحق والتهميش، في خطاب ذكّر بتشديد ماكرون على ضرورة استعادة القوة، قائلا "إذا قررنا أن نكون ضعفاء وانهزاميين، فستكون لنا فرصة ضئيلة بأن نحظى باحترام الولايات المتحدة"، كما دعا ماكرون أوروبا إلى تعزيز قدراتها العسكرية وتقليل اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة، في ظل التغيرات المتوقعة في السياسة الخارجية الأميركية مع تنصيب ترامب.
أما ألمانيا، فإن وضعها أصعب من فرنسا، لاسيما بعد تسريب وثيقة قبل يومين، حذر فيها السفير الألماني لدى الولايات المتحدة، أندرياس ميكايليس، من إحكام ترامب سيطرته على سلطات إنفاذ القانون ووسائل الإعلام، فضلا عن منح شركات التكنولوجيا الكبرى سلطة المشاركة في الحكم، ما أحرج السلطات الألمانية.
بدوره، أكد الاتحاد الأوروبي أنه يستعد للرد حال استهدفته رسوم ترامب الجمركية، وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية فالديس دومبروفسكيس إن الاتحاد مستعد للدفاع عن مصالحه إذا اقتضت الضرورة بوجه الرسوم الأميركية المحتملة، أتت تلك المواقف فيما تتصاعد التساؤلات في أوروبا حول سياسة ترامب تجاه حلفائه الأوروبيين، لاسيما بعدما لوح أكثر من مرة بزيادة الرسوم، كما هدد مرارا في السابق بوقف تمويل حلف شمال الأطلسي أو الدفاع عن بعض الدول الأعضاء، ما لم ترفع نسب مساهماتها في النفقات الدفاعية، كذلك تخشى دول أوروبية داعمة لأوكرانيا، أن يوقف ترامب الدعم المالي والعسكري لكييف، ما يعطي دفعا قوياً لروسيا.
ويوم أمس، بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يومه الثاني في البيت الأبيض، عازما على الإسراع في تطبيق عشرات المراسيم التي وقعها بعد تنصيبه، واستهل الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة يومه بالتوجه إلى الكاتدرائية الوطنية في واشنطن لحضور مراسم دينية تتسم بالرزانة، وجلس على مكتبه في البيت الأبيض وأمامه عدد كبير من الأوامر التنفيذية التي بدأ في توقيعها تباعا، معلنا بداية عهده بمسار مختلف تماما عن سلفه جو بايدن، ووقّع ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات تتعلق بالهجرة والعفو الجنائي ومجتمع "الميم" والانسحاب من اتفاقيات دولية والتراجع عن قرارات سابقة لبايدن.
ونشر إعلانا عبر منصته الاجتماعية "تروث سوشال" يكشف فيه بدء عملية إقالة واسعة النطاق للمعينين في المناصب الرئاسية من الإدارة السابقة، قائلا إن مكتب شؤون الموظفين الرئاسي يعمل حالياً على تحديد وإقالة نحو ألف معين في مناصب المسؤولية، "لعدم توافق هؤلاء المسؤولين مع رؤيته التي تهدف إلى جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، كاشفا عن إقالة أربعة مسؤولين كدفعة أولى، هم خوسيه أندريس من مجلس الرئيس للرياضة واللياقة البدنية والتغذية، ومارك ميلي من المجلس الاستشاري للبنية التحتية الوطنية، بالإضافة إلى كل من براين هوك من مركز ويلسون للباحثين وكيشا لانس بوتومز من مجلس الرئيس للتصدير، مشددا على أن المزيد من قرارات الإقالة ستصدر قريبا، في إطار سعيه لإعادة تشكيل المناصب الإدارية العليا بما يتوافق مع توجهات ورؤية إدارته الجديدة.
وكان ترامب استهل عودته بتوقيع مراسيم تناولت مواضيع شتى، وفي أول إجراء تنفيذي، ألغى ترامب 78 إجراءً تنفيذيًا نفذتها إدارة بايدن، كما ألغى عقوبات فرضت على مستوطنين إسرائيليين متهمين بالعنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، ووقع على أوامر بتجميد التوظيف الحكومي واللوائح الفدرالية الجديدة، بالإضافة إلى أمر يلزم العاملين الفدراليين بالعودة التامة إلى العمل بنظام الحضور الشخصي، كما وقّع على أوامر تهدف إلى تعزيز تطوير النفط والغاز في ألاسكا.