التنمية المستدامة... الاقتصاد والمواطن

لكل اقتصاد هوية وفق ما يغلب عليه من أنشطة وسمات، فإما أن يكون زراعياً، أو صناعياً، أو خدماتياً، أو مزيج من التنوع القطاعي، واقتصادنا الوطني ريعي نفطي، أي يعتمد على الإنفاق الحكومي من الإيرادات النفطية، والهدف الرئيس لكل اقتصاد هو تحسين معيشة المواطن، وتوفير فرص العيش الكريم له، وهذا ما حققه اقتصادنا الوطني إلى حد كبير.

غير أن اقتصادنا لا يزال يواجه تحديات متراكمة ومزمنة، سوف تنعكس تدريجيا على حياة المواطن ومعيشته.

لقد أسهبت خطط التنمية المتعاقبة منذ ثمانينات القرن الماضي بالحديث عن التنويع الاقتصادي، ومصادر الدخل، والناتج المحلي الإجمالي، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وبقي اقتصادنا أحادي الجانب يعتمد على النفط، وبقيت الإيرادات النفطية الممول لميزانية الدولة، واستمرت حياة المواطن ومستقبله أسير هذا المصدر الناضب.

نحن نملك صندوقاً سيادياً استثمارياً قوياً، وباستثمارات تقدر بمئات المليارات، وهو يعتبر بحق إنجازا وطنيا كبير وذخرا للمستقبل، لكن هذا لا يجب الركون إليه، أو التوقف عنده، فما هو أهم أن يكون لدينا اقتصاد منتج، متنوع، يحقق نموا مستداما، ويخلق فرص عمل للمواطنين، وقادر على جذب الاستثمارات، اذ ان بقاء اقتصادنا الوطني على أوضاعه الحالية يحمل مخاطر عديدة على المستقبل، وحياة المواطن الكويتي.

إن اعتماد اقتصادنا الكلي على النفط وانكشافه على الواردات المتنامية، وضع قيداً ثقيلاً على قدراتنا الإنتاجية، وجعل القوة الشرائية للمواطن في مهب الريح.

وقد شهد الاقتصاد العالمي موجات تضخمية متتالية خلال السنوات القليلة الماضية، انعكست على معظم الاقتصادات، خصوصا تلك التي تعتمد على الواردات، ومنها اقتصادنا الوطني، مما جعل المواطن يواجه أسعاراً مرتفعة وظروفا معيشية تزداد ضغوطا ووطأة، خصوصا في ظل عدم زيادة الأجور والرواتب لأكثر من عقد، مما يجعل النظر في ذلك أمراً مستحقاً.

وخلاصة القول: أن التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة يعتمد بشكل أساسي على نمو الاقتصاد، وتحقيق نمو إقتصادي قابل للاستدامة يتطلب معالجة الاختلالات الهيكلية والانتقال التدريجي، ووفق رؤية واضحة، إلى اقتصاد متنوع ومنتج وجاذب للاستثمار، ويولد فرص العمل، مع تركيز خاص على رفاهية المواطن وتحسين أوضاعه المعيشية باعتباره الهدف الرئيسي للاقتصاد.

محام كويتي