محتجون يتظاهرون بالقرب من السفارة الأميركية بالعاصمة الكورية الجنوبية "سيئول" ضد إصرار ترامب على تهجير الفلسطينيين من غزة (أب)
تنديد ورفض وإدانات فورية من الحلفاء والخصوم... ومبعوثه يدعو للتهجير ويزعم: جدول الإعمار "غير معقول"
غزة، عواصم - وكالات: فيما وصفت بليلة المفاجآت والتصريحات المدوية، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم ليل أول من أمس، بالكشف عن رغبته في الاستيلاء على قطاع غزة، مجدداً التأكيد على ضرورة تهجير الفلسطينيين منه وإبعادهم إلى أماكن أخرى، معتبراً أنه لا بديل عن ذلك، بدعوى أن القطاع لم يعد صالحاً للعيش فيه، وتحدث عن ملكية أميركية طويلة الأمد لإعادة إعمار القطاع وخلق العديد من فرص العمل به، وتحويله إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، دون الإشارة إلى السند القانوني الذي يقوم عليه طرحه، ولم يستبعد الرئيس الأميركي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو في البيت الأبيض نشر قوات أميركية في القطاع، قائلاً في معرض رده على سؤال بشأن إمكانية نشر قوات لملء أي فراغ أمني "سنفعل ما هو ضروري. إذا كان ذلك ضرورياً، سنفعل"، ووصفت صحيفة "جيروزاليم بوست" المؤتمر الصحافي المشترك بين نتنياهو وترامب بـ"القنبلة".
وبعد أن تبادل ترامب ونتنياهو الإطراء، خلط الرئيس الأميركي الأوراق وخرج بقرارات مفاجئة للكثيرين، وقال ترامب إنه يريد أن تتولى الولايات المتحدة ملكية قطاع غزة وإعادة تطويره بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، مضيفاً "سوف نمتلكه ونكون مسؤولين عن تفكيك جميع القنابل غير المتفجرة والأسلحة الخطيرة في الموقع"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستقوم بتسوية المباني المدمرة وتحقيق تنمية اقتصادية ستوفر أعدادا غير محدودة من الوظائف والمساكن للناس في المنطقة، فيما أشار نتنياهو إلى أن ترامب يفي بوعوده التي بدت في البداية غير قابلة للتصديق، قائلا "بعد الدهشة، يبدأ الناس في التفكير ثم يقولون: أتعلمون.. إنه على حق"، مضيفا "سننهي الحرب من خلال الانتصار فيها، وانتصار إسرائيل سيكون انتصارا لأميركا"، واصفاً ترامب بأنه "أعظم صديق لإسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق"، معتبراً دفاعه القوي عن إسرائيل أكسبه احتراماً هائلاً بين الإسرائيليين، بينما قال ترامب عن نتنياهو "لدينا القائد المناسب لإسرائيل، لقد قام بعمل رائع". وأيد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مقترح الرئيس، قائلا إن بلاده "مستعدة لقيادة غزة وجعلها جميلة مرة أخرى"، وأكد البيت الأبيض أن ترامب أعلن خطة جريئة لضمان السلام الدائم في غزة، قائلاً إن خطته بشأن ترحيل سكان غزة تلقى تأييداً واسعاً بين الجمهوريين، وقال مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف إن الولايات المتحدة تريد من الدول العربية أن تستقبل الفلسطينيين من غزة، زاعما أن الجدول الزمني الذي يتراوح بين ثلاث سنوات وخمس سنوات لإعادة بناء غزة، كما هو محدد في اتفاقية الهدنة المؤقتة، ليس قابلا للتطبيق، قائلا "بالنسبة لي، من غير العدل أن نوضح للفلسطينيين أنهم قد يعودون في غضون خمس سنوات.. هذا غير معقول"، كما قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز "في مرحلة ما، علينا أن ننظر بواقعية. كيف نقوم بإعادة بناء غزة؟ كيف يبدو ذلك؟ ما هو الجدول الزمني؟ هؤلاء الناس يجلسون مع الآلاف من الذخائر غير المنفجرة، في أكوام من الأنقاض"، فيما وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد المقترح بـ"القنبلة"، ورأى مصدر سياسي إسرائيلي أن نتائج لقاء ترامب ونتنياهو فاقت كل التوقعات والأحلام الإسرائيلية، حسب ما نقلت "معاريف". وأثارت صدمة مفاجأة ترامب موجة واسعة من التنديد والرفض والإدانات فورية من الحلفاء والخصوم، وتصدر عنوان "الاستيلاء على غزة"، كبريات الصحف والمجلات الأميركية، ووصفت مجلة "تايم" طرح ترامب بالغريب، وركزت على أنه يأتي في لحظة حساسة بالنسبة لاتفاق وقف إطلاق النار، ورأت المجلة الأميركية أن ترامب تجاهل تاريخ الصراع على ملكية الأرض في هذه البقعة من العالم، مشيرة إلى أن ملكية الأرض جزء أساسي من صراع الشرق الأوسط، بينما ربطت قناة "سي إن بي سي" الأميركية طرح ترامب بمجموعة من القرارات المماثلة التي طالع بها العالم خلال الأيام المعدودة التي أمضاها في البيت الأبيض بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة للمرة الثانية، مشيرة إلى أن تصوره يأتي في أعقاب كشفه عن رغبة في الاستيلاء على جرينلاند من الدنمارك، وأن تصبح كندا الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة، وأن تستعيد الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما.
وأمس، أعرب حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على حد سواء عن رفضهم الفوري وإدانتهم لاقتراح ترامب، وعلى الفور أصدرت الخارجية المصرية بيانا أكدت فيه الحاجة إلى إعادة الإعمار دون إخراج الفلسطينيين من غزة، وشددت السعودية على أن دعوتها طويلة الأمد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة موقف راسخ وثابت ولا يتزعزع، ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأمم المتحدة إلى حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، وقالت "حماس" إن اقتراح ترامب "وصفة لخلق الفوضى والتوتر في المنطقة"، وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز إن موقف أستراليا هو نفسه بدعم الدولة الفلسطينية، وقالت الخارجية النيوزيلندية إن دعمها طويل الأمد لحل الدولتين مستمر، وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان دعم بكين طويل الأمد لحل الدولتين، وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن اقتراح ترامب "خاطئ وسخيف"، وأكدت فرنسا معارضتها أي تهجير قسري للفلسطينيين.
الانسحاب من "أونروا" ومجلس حقوق الإنسان
واشنطن، عواصم - وكالات: وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يقضي بمنع أي تمويل أميركي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وآخر يقضي بانسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تعد الولايات المتحدة أكبر مانح لوكالة "أونروا"، لكنها أوقفت تمويلها العام الماضي عقب اتهامات من حكومة الاحتلال الاسرائيلي للوكالة العاملة في مجال مساعدة الفلسطينيين والمجتمعات المضيفة لهم بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر.
وحسب الموقع الرسمي للوكالة، فإنها تقدم المساعدة والحماية وكسب التأييد للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم، وتحصل "أونروا" على التمويل بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح، وسبق أن انسحبت الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب لكن الرئيس السابق جو بايدن أعادها إليه.
سيد البيت الأبيض "يحرك العالم للجنون"
واشنطن، عواصم - وكالات: بعدما تركت زوبعته بشأن السيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين ظلالها على العالم، أطل مقربون من الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجددا أمس، يشرحون خطته للمنطقة، حيث رأى مستشار مقرّب من الرئيس، أن سيد البيت الأبيض الجديد "يحرك أعمدة المرمى للجنون"، وفقا لموقع "أكسيوس"، قائلاً إن ترامب لا يخاف العناوين الرئيسية أو الخبراء، كاشفاً عن رسالة ترامب إلى الشرق الأوسط، مؤكداً أنه قادر على جعل الأمر أسوأ بكثير، وبذات الوقت بإمكانه التوصل إلى خطة أفضل.
وقال "هناك عقبات هائلة أمام رؤية ترامب"، مشددا على أن الخسائر البشرية ستكون مذهلة، خصوصاً وأن نحو مليوني فلسطيني يعتبرون غزة موطنهم ولم يوافقوا على إجبارهم على الخروج من أراضيهم، على الرغم من الدمار الهائل الناجم عن 16 شهراً من الحرب، معتبرا أن مبادرة غزة كانت فكرة ترامب الخاصة، وكان يفكر فيها منذ نحو شهرين، قائلا إن ترامب قدم الخطة لأنه توصل إلى استنتاج مفاده أن لا أحد آخر لديه أفكار جديدة لغزة، مختتما بأن الفوضى ليست حادثة عرضية، بل إن ترامب ومساعديه يدركون أن تسونامي الأفكار والأوامر التنفيذية والإعلانات يجعل من الصعب على المعارضين أن يتحدوا حول رسالة واحدة.