بغداد - "السياسة" - باسل محمد ووكالات: في تطور سياسي مهم وخطير، عكسته استحقاقات ما بعد التغيير في سورية وعودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تصاعد السجال السياسي في بغداد بشأن التعامل مع ملف ميليشيا "الحشد الشعبي" المسلحة الموالية لايران، حيث كشفت معلومات جديدة أن سيناريوهين يتم طرحهما حاليا بشأن "الحشد" داخل الاطار الشيعي أكبر تكتل سياسي والذي تنضوي تحته الفصائل الموالية لإيران، وكلا السيناريوهين متناقضان مع بعضهما تماماً.
واستنادا إلى مسؤول رفيع في الاطار الشيعي الحاكم، فإن السيناريو الأول والذي يوصف بأنه أميركي، يقضي بتولي قادة في وزارة الدفاع العراقية من الجيش رئاسة "الحشد الشعبي" ورئاسة أركانه ورئاسة فرقه وألويته، أما السيناريو الثاني والذي طرحه طرفان في الاطار الشيعي هما تحالف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وتحالف هادي العامري، فيقضي بتحويل الحشد الشعبي الى حرس وطني.
وقال المسؤول السياسي العراقي في الاطار الشيعي لـ"السياسة" إن الاطار رفض تولي قادة الجيش العراقي أي مسؤولية داخل تشكيلات "الحشد الشعبي" على اعتبار ان المقترح أميركي خارجي ويهدف إلى السيطرة الأميركية على الحشد، مضيفا أن مشادات قوية نشبت بين رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني وبين الاطار الشيعي بشأن سيناريو رئاسة قادة الجيش للحشد الشعبي، موضحا أن السوداني يؤيد هذا التوجه كونه يضمن سلطة القائد العام للقوات المسلحة على قوات الحشد ويلغي الوضعية الفصائلية في الحشد الشعبي.
وافاد المسؤول العراقي الرفيع ان السوداني لديه قناعة بأن الحشد يدار بالفصائل أي أن كل فصيل يدير قواته بنفسه، وان هيئة اركان الحشد الشعبي لا تستطيع ضمان السيطرة على كل الفصائل، بدليل ان رئاسة الحشد الشعبي لم تكن قادرة على ضبط الفصائل التي كانت تهاجم القوات الأميركية واسرائيل في الفترة السابقة وأحدث ذلك مشاكل دولية للعراق وبالتالي يرى السوداني أن أضمن طريقة لضبط الحشد الشعبي هي ادارته من قبل قادة الجيش العراقي.
أما السيناريو الثاني للتعامل مع ملف الحشد الشعبي، فقد ذكر المسؤول في الاطار إن المالكي والعامري اقترحا تحويل الحشد إلى حرس وطني، مضيفا أنهما يعتبران المقترح السيناريو الأفضل لحماية النظام السياسي القائم في بغداد منذ عشرين عاماً، مشيرا إلى ان القيادة الايرانية تدعم مقترح تحويل الحشد الشعبي الى حرس وطني، موضحا بشأن أبرز مهام الحرس الوطني وفق رؤية المالكي والعامري، تشمل حماية الرئاسيات الثلاث، الحكومة والبرلمان والجمهورية، وحماية السلطة القضائية، اضافة إلى الوقوف ضد أي محاولة انقلابية والتصدي لمحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، واعتبر المسؤول العراقي سيناريو تحويل الحشد الشعبي الى حرس وطني بأنه رسالة تحد للولايات المتحدة، محذرا من ان المقترح سيؤدي إلى توتر العلاقات العراقية الأميركية بصورة خطيرة.
في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن حكومته حصنت العراق وأبعدت عنه شبح العدوان والإحتراق بنار حرب أرادوها أن تحرق جميع بلدان المنطقة، قائلا خلال المؤتمر العشائري العام لشيوخ عموم عشائر العراق أمس، إن سياسة الحكومة المتوازنة تعاملت مع تطورات المنطقة بمبدأ الحكمة من خلال المواقف والقوة في القرارات، بعيدا عن الإرتجال والإنفعال، مشددا على دور عشائر العراق الفاعل في بناء ودعم سيادة الدولة وقوانينها، وفي ترسيخ الاستقرار والأمن، لافتا لدور أبناء العشائر من عموم مناطق البلاد في مواجهة عصابات "داعش" الإرهابية وحماية العراق.
ودعا شيوخ العشائر والوجهاء في المحافظات للمساهمة في دعم استمرار عمل الشركات بالمشاريع الخدمية ومضاعفة دورها في دعم الدولة وقوانينها والتحرك بشكل حاسم لفض النزاعات التي يذهب ضحيتها الأبرياء، وإنهاء المظاهر السلبية والتعاون مع الأجهزة الأمنية لمحاسبة المسيئين وعدم احتضانهم وتقديمهم للعدالة، كما دعا لتحصين أبناء العشائر أمام الأصوات الداعية للفتنة التي تريد تمزيق نسيج العراق الإجتماعي لغايات طائفية أو عرقية.