رحم الله العم يوسف النصف "أبو عمر"، الذي حمل همين؛ أحدهما كثافة التواصل مع أهل الكويت، والحضور المكثف في المجتمع.
والهم الآخر والأكبر هو الشأن السياسي، وجرأة الطرح، وشجاعة الرأي، وصلابة الموقف الوطني.
المهمة السياسية والصحافية الحرجة، قادتني إلى معرفته أقرب من قبل، واللقاء مع العم يوسف النصف، "أبو عمر"، في عام 2018، حيث تعمق الحوار حول شتى الشؤون السياسية، والديمقراطية، وتطوراتها، وخصوصاً بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي.
كان اللقاء يفترض أن يكون قصيراً، لكن رحابة صدر المرحوم "أبو عمر"، واهتمامه في التوثيق، جعل اللقاء في مكتبه الخاص، يمتد إلى أكثر من ساعة، وكان حواراً صريحاً للغاية، ومفيداً في التعرف على تفاصيل دقيقة عن مرحلة ما بعد التحرير، والحوارات مع القيادة السياسية عن الديمقراطية، وعودة الحياة لمجلس الأمة، وانهاء عمل المجلس الوطني.
حدثني العم يوسف النصف عن اللقاءات المتكررة مع الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، بصفته وليا للعهد ورئيس مجلس الوزراء، حينذاك، حيث تم اللقاء في المقرات الموقتة لهما. حدثني الراحل العم النصف عن اللقاء مع الراحل الشيخ سعد، اذ ركز النقاش على تحديد موعد لإنهاء عمل المجلس الوطني، والدعوة الى الانتخابات، كما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جدة الشعبي، وكان اللقاء بحضور بعض الوزراء والمسؤولين، ومن بينهم الوزير الدكتور عبدالرحمن العوضي، رحمه الله، الذي خلد إلى حد ما في المنصب الوزاري.
الحديث كان موجها إلى الشيخ سعد العبدالله، بعد إحالة موضوع الانتخابات وملفه، من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد للأول، في حين تدخل أكثر من مرة الدكتور عبدالرحمن العوضي محاولا انقاذ النقاش، جراء سخونته، لذلك اضطر العم يوسف النصف، والمجموعة المرافقة له إلى توجيه رجاء قاس إلى الدكتور العوضي، بعدم التدخل في الحوار، وترك المجال للشيخ سعد العبدالله، لأن الغرض من الزيارة مناقشة الشيخ سعد العبدالله وليس غيره، وغير مقبول التدخل في النقاش، من طرف وزير يسعى إلى كسب الود السياسي على مصالح وطنية!
خبرة العم يوسف النصف السياسية، ودوره الوطني، حسمت النقاش في ضرورة استعجال عودة الحياة الديمقراطية، والدعوة للانتخابات، كما تم الاتفاق عليه في مؤتمر جدة الشعبي، خصوصاً ما ورد في كلمة الشيخ سعد العبدالله، وكذلك كلمة العم الراحل عبدالعزيز الصقر، رئيس المؤتمر الشعبي، عن المبايعة الدستورية لأسرة الصباح، والحياة الديمقراطية، ومجلس الأمة.
اللقاء السياسي كان مثمراً في حسم العديد من الأمور التي تتعلق بعودة مجلس الأمة، واستعجال الدعوة الى الانتخابات، ووقف عمل المجلس الوطني، وقد خرج العم النصف ومن معه، بارتياح، رغم حالة الشد والجذب اثناء الحوار. كان الغرض من زيارتي، واللقاء مع المرحوم يوسف النصف، دعم فكرة مقالة لنشرها في صحيفة "القبس"، وتوجيهها إلى الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، بشأن نادي الاستقلال، وعودة نبضه في الدولة والمجتمع، تحقيقاً لأمنية الدكتور أحمد الخطيب، وفعلا تفضل العم "أبو عمر" اصدار التعليمات للصحيفة، وجرى النشر بعنوان "أمنية الدكتور أحمد الخطيب" في 7 مايو 2018.
رحم الله العم يوسف النصف، وغفر له، وخالص العزاء لأسرته الكريمة، مع عظيم الامتنان والتقدير على المواقف الوطنية للمرحوم "أبو عمر".
لندن