مختصر مفيد
على مدخل باب إحدى الجامعات في جنوب إفريقيا، كُتبت الرسالة التالية ليتأملها المرء "إن تحطيـم أي دولة لا يتطلب قصفها بالقنابل النووية أوالصواريخ بعيدة المدى، إنما باتباع منهج سيئ في التعليم، والسماح للطلبة بالغش في الامتحانات، عندئذ يحدث الآتي: يموت المرضى على أيدي أطباء غير مهرة، وتنهار البنـايات بسبب سوء أداء المهندسين، وتضيع الأموال بسبب سوء عمل الاقتصاديين والمحاسبين، وتضيع العدالة لأن القضاة لايفهمون عملهم، وهكذا، فعندما ينهار مستوى التعليم تنهار الأمم " (انتهت الرسالة).
انظروا الى الواقع الذي نعيشه، فهناك الابن الذي ضرب أباه، ومشاجرات الشباب اليومية على أتفه الأسباب، وازدياد حالات الانتحار، في بلد يفترض أنه مرفه، وكثرالطعن بآلات حادة، واقتحام محال بغرض السرقة، وتعاطي المخدرات، وعقوق الوالدين، والاعتداء على الاطباء في المستشفيات، واقتحام المخافر، وبعضهم يقبض الرشوة، وشراء شهادات مزيفة من جامعات غير معترف بها، أو وهمية، ويتولى هؤلاء مناصب حكومية لا يستحقونها، وهم بعقولٍ فارغة، فكيف يكون حال البلد إذا تولى هؤلاء الشباب إدارة الدولة؟
كانت وزارة التربية قد اقترحت مراراً تعديل مناهج التعليم لمعالجة السلوكيات السيئة والخطيرة، لكن بعض النواب في مجلس الأمة، حينها، اعترض خشية الخروج عن الدين والمجاهرة بقيم الغرب، فاذا كنا نمارس الدين بوجهه الصحيح، فلماذا اذاً يحدث فساد في وزارة "الأوقاف"؟
هذا دليل، ولا شك على سوء المنهج التعليمي، الذي لم يرب التلميذ على مكارم الأخلاق، بل جعله يحفظ درسه من دون فهم، وبتفشي سوء الأخلاق، بات كثير من الناس ينتهكون القانون، وتدهورت الأحوال الداخلية، فأخذ كثير من الطلبة يتحدى وزارة التربية، ويغش في الامتحان أمام المراقبين، أو يعتدي بالضرب على المعلم، إننا لم نبنِ المواطن الصالح، سواء بمنهج التربية أو "الأوقاف".
وزارة "الأوقاف" لاتجذب الشباب الى دروس المساجد، وأغلب الوعظ والدروس الدينية هي أنشطة متكررة، ودعاة بلا تأثير، إننا نصلي ولا نسمع أي دروس في التسامح، بل كراهية الأديان والشعوب الأخرى، وكان الأحرى بهذه الوزارة ان تشرح للتلاميذ سور القرآن، قال سبحانه "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" لا حفظ الآيات صما.
دخلت مسجدا، ورأيت الإمام أو المؤذن، وقد جمع حوله بعضاً من الأولاد، ويطلب منهم الحفظ والتكرار"وصم الآيات صماً دون فهم"، بأن يرددوا وراءه ما يقول، بينما لو فهموا سور القرآن لتعدل سلوكهم بشكل أفضل.
لم يكن يشرح لهم "سورة يوسف"، مثلاً، ففيها سلوكيات فاضلة كمعنى الصبرعلى المكاره، إذ رمى الأخوة أخاهم يوسف الصغير في البئر حسداً منهم، لأن أباهم يحبه، فصبر، وأنقذه بعض الناس، ثم تحلى يوسف بالأمانة وهو شاب، ودعا الى الله حتى وهو في السجن، فأوصلته أخلاقه الجميلة ليكون وزيراً للمالية لدى الملك.
وأخيراً سامح إخوته رغم إنهم رموه بالبئر، وهكذا فبالشرح، والفهم نزرع في نفوس التلاميذ الضمير الحي، ومعاني الصبر والرحمة والتسامح، والمعاني الجميلة، فيتحلون بالسلوك الطيب وهم شباب وكبار، وينفعون بلدهم.
هذا هو بناء المواطن الصالح، وما أشد حاجتنا في الوقت الحاضرالى بناء القيم ومعايير الخطأ والصواب في نفوس أولادنا، لاحفظ الدروس دون فهم.
[email protected]