حوارات
قال الشاعر العبّاسي أبو تمّام (حبيب بن أوس بن الحارث الطائي)، في إحدى قصائده: "ما غَبَنَ المَغبونَ مِثلُ عَقلِهِ"، ويشير الغبن في سياق استعمال المرء لعقله الى الخديعة، وظلم النفس، والانقاص من الحقوق الشخصية بسبب الغفلة أو الجهل، فيُنْقِص العقل أحياناً من الحظوظ الدنيوية لصاحبه.
وهو يشير أيضاً الى خداع الانسان لنفسه، وبأنّ عقله لا يُنْصِفُه، وربما يُسَفِّهُه، ومن بعض ما يؤدي الى غبن المرء لنفسه باختياره، نذكر ما يلي:
-الإفراط: كل قول، أو تصرّف شخصي، يتّصف بالإفراط لا بد أن يتبعه عواقب سلبية، فالنموذج المنطقيّ العقلي الكونيّ هو معيار ذهنيّ متوازن، لا يقبل النقصان أو الزيادة، فما إن يميل عقل المرء بإفراط تجاه موقف، أو أمر معيّن، سيؤدّي ذلك الى اختلال موازين إصدار الأحكام الشخصية بعامّة.
-الثقة بالنفس الزائدة عن الحدّ: يغبن الانسان نفسه عندما ينغمس في الثقة المفرطة بنفسه، مع علمه، أو على الأقلّ شكّه، بأنه لا يملك القدرات على تنفيذ بعض أولوياته، وأهدافه الحياتية، وفي هذا السياق، يظلم الفرد نفسه بسبب انفصاله الاختياري عن الواقع الحياتي المحيط به، والخيار المنطقي بالنسبة للإنسان العاقل، قولاً وفعلاً، هو الوسطية والاعتدال في كل صفاته وسماته الشخصية.
-الافراط في حسن الظنّ: يظلم الانسان نفسه عندما ينغمس في الثقة العمياء بكل من يحتكّ بهم في حياته، الخاصة أو العامة، والإفراط السلوكيّ بعامة يكشف ضعف في ضبط النفس، وما يؤدي غالب الوقت الى تورّط المرء في مشكلات مع الآخرين هو في غنى عنها، هو منحه ثقته المفرطة في من لم يختبرهم بشكل مناسب.
-التكاسل عن تطوير طرق التفكير: يتحوّل عقل المرء الى عدو لدود له، إذا أهمل تطوير طرق تفكيره، وعجز عن استعمال آلياته الذهنية، كما خلقت له، ويطوّر الفرد طرق تفكيره عن طريق الإطّلاع على آخر الاكتشافات العلمية عن العقل، وطرق التفكير، أو على الأقل، يسعى قدر ما يستطيع الى أن يفكّر خارج الصندوق عندما يعجز عن العثور على حلول للمشكلات، أو للصعوبات الحياتية التي يواجهها.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@