السبت 10 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قص ولزق للسيطرة على العقول
play icon
كل الآراء

قص ولزق للسيطرة على العقول

Time
الأربعاء 19 فبراير 2025
View
160
محمد الفوزان
قصص إسلامية

يروى انه كان لأحد الأشخاص خروف أراد بيعه، فأخذه إلى السوق، فرآه أربعة لصوص، فاتفقوا أن يسرقوه منه بأسلوب ذكي، فتقاسموا الجلوس الى جانب الطريق المؤدية للسوق التي سيمر منها صاحب الخروف.

جلس الأول في بداية الطريق، والثاني في ربعها الاول، والثالث بعد منتصفها، فيما جلس الرابع قبل نهاية الطريق بقليل.

مر الرجل الى جانب اللص الأول، وألقى عليه السلام، ورد الاخير السلام، وبادره بالسؤال: "لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك"؟

التفت صاحب الخروف إلى اللص وقال له: "هذا ليس كلبا، إنه خروف سأذهب لبيعه في السوق"، ثم تركه وانصرف.

وبعد برهة التقى باللص الثاني، وإذا به يسأله: "لماذا تربط هذا الكلب وتقوده خلفك"؟

نظر الرجل إلى اللص، وقال له: "هذا خروف، وأنا ذاهب لأبيعه في السوق". وتركه وانصرف، لكن الشك بدأ يتسرب إلى قلبه، فأخذ يتحسس الخروف ليتأكد هل هو كلب فعلاً، كما سمع من الرجلين، ام هو خروف كما يعتقد هو؟

وبعد مسافة التقى باللص الثالث، وإذا به يسأله السؤال السابق نفسه: "لماذا تربط الكلب خلفك"؟ اندهش صاحب الخروف وزادت حيرته، ونظر إلى اللص ولم يجبه، وانصرف، الا انه بدأ يتأكد أنه يقود كلباً وليس خروفاً.

وبعد مسافة، التقى باللص الرابع، فسلم عليه، وبادره قائلا: "ماذا بك يا رجل، تربط الكلب وتقوده خلفك"؟

هنا تأكد صاحب الخروف أنه يقود كلباً فعلاً، اذ ليس من المعقول أن يكون الأربعة كاذبين. ثم التفت إلى اللص وقال له: "لقد كنت على عجلة من أمري، فاعتقدت أن هذا الكلب خروف فربطته، لأذهب به إلى السوق وأبيعه، ولم يتبين لي أنه كلب إلا الآن، ثم فكّ وثاق الخروف، وأطلق سراحه، وعاد مستعجلا إلى بيته يبحث عن خروفه، فأخذ اللصوص الخروف، وانصرفوا وهم يتهامسون بسرور وغبطة!

العبرة من القصة:

هكذا تتم صناعة الرأي العام، والتضليل من المحترفين عبر وسائل الإعلام، والوسائط المحلية والعربية والعالمية، فهم يفعلون من أجل ذلك كل ما يمكن تزييفه وقلب للحقائق، وصناعة المشاهد التمثيلية للخداع واللعب بالعقول.

لذا يجب علينا ألا نترك قناعتنا وثقافتنا، ومعرفتنا تحت تصرفات اللصوص، وخصوصا لصوص العقول.

اذ إن أشد ما يزعج هذه الأيام هو قراءة خبر ما في موقع إخباري، إلكتروني أو تلفزيوني، ثم نفيه وتكذيبه بعد أيام قليلة، وربما بعد ساعات على نشره أو بثه.

كثيرا ما صرنا نسمع أيضا تصريحا لمسؤول رفيع، ثم إنكار، أو تراجع، أو نفي لما صرح به هو نفسه. بالتالي، صار تضارب المعلومات يضيع الحقيقة، ويدخل عقل الإنسان في متاهة من الأوهام والأكاذيب، ليسقط وعيه بعدها في هاوية ليس لها قرار.

أصبح الإقبال على هذا الطراز من الدعاية الإعلامية الصارخة، بقصد تشويه سمعة شخصية معروفة، أو محاولة إثبات أو نفي حدث ما، شائعاً لدرجة كبيرة جداً.

هكذا، طالت شائعات فساد لاسقاط شخصيات وشيطنتها، سواء بنشر الشائعات عنها، من غير تثبت، أو مفبركة مقاطع قص ولزق، أو استخدام الذكاء الاصطناعي بأبشع صوره بسبب اختلاف سياسي.

قال جوزيف غوبلز بوق الإعلام النازي وذراع هتلر القمعية ضد حرية الفكر والتعبير:"اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس".

يقول المنفلوطي: "لا فرق بين كذبِ الأقوال، وكذب الأفعال في تضليل العقول، والعبث بالأهواء، وخذلانِ الحقِّ واستعلاءِ الباطل عليه".

وقال جوزيف غوبلز: "من الجيد ان تكون القوة مصدرها السلاح، لكن من الافضل والاجود ان تمتلك عواطف الامة وتسيطر عليها".

إمام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار