بعد طول انتظار، ومعاناة المسحوبة جنسيتهم (المادة الثامنة - والأعمال الجليلة - وأولاد الأم الكويتية) أو من أُسقطت الجنسية عنهم، أو فقدها بسبب الازدواجية، أصدر مجلس الوزراء الموقر قراره بتشكيل لجنة خماسية برئاسة مستشار قاض، وعضوية أربعة أعضاء.
و لم يحدد قرار التشكيل وظيفة هذه اللجنة، وآلية عملها، وعما اذا كان القرار الذي تصدره، توصية أم قراراً ملزماً للجهة مصدرة مراسيم السحب، وهل هي لجنة دائمة أو موقتة، ومدى حق المتظلم بالحضور، أو توكيل محام. وما هي الأوراق المطلوبة لإثبات صحة حقه باسترداد الجنسية التي فقدها، ومدة عمل اللجنة لإنجاز هذا الملف الشائك، وأمامها عشرات الآلاف من التظلمات، وعما اذا كانت مؤهلة للنظر في المراسيم، وهل قراراتها نهائية، أو تعرض على اللجنة العليا للجنسية، والتكييف القانوني لقرارات اللجنة؟
وهل يجوز الطعن على قراراتها أمام المحكمة الإدارية، كونه قراراً إدارياً، أو يمتنع عليهم ذلك بسبب الحظر الوارد في قانون إنشاء المحكمة الادارية بالمادة الاولى في الفقرة خامسا؟
هذه التساؤلات وغيرها تستدعي اعادة النظر في قرار التشكيل، وكان الاولى بمجلس الوزراء، إما إحالة الملف برمته للقضاء، أو الى لجنة من داخل الفتوى والتشريع لبحثه، لما تتمتع به الجهتان من نزاهة وحيدة وتخصص، بدلا من لجنة إدارية، وليست لجنة قضائية وإن رأسها قاض.
وتجدر الاشارة، إلى إن الدستور المصري الصادر عام 1971 نص في المادة 6 في الفقرة الثانية "يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء".تقابلها المادة 27 من الدستور المصري الجديد الصادر في عام 2014. ومن ثم أصبح لازما أن تسقط كل الموانع الحاجبة لحق التقاضي، مع ضمان تنفيذ أحكامها.
وهو ما ندعو إليه المشرع الكويتي بإلغاء الفقرة الخامسة من المادة الاولى من قانون إنشاء الدائرة الادارية لعام 1981، وافساح المجال لكل طالب حق ان يبسط قضيته أمام قاضيه الطبيعي، ويملك مجلس الدولة المصري النظر في دعاوى الجنسية - المادة العاشرة بند سابعا. ولا يختص بالنظر في اعمال السيادة (المادة 11).
" ففي ثوب من الشرعية، ترتكب الادارة ما شاء لها من المخالفات القانونية. واذا كان الظلم بغيضا بصفة عامة، فإن أبغضه ما أُلبس ثوب العدالة!
وقد عرضت على محكمة النقض المصرية في يناير 1948 قضية مواطن مصري أسقطت جنسيته لانتمائه لهيئة تهدف الى نشر دعاية مناقضة للنظام الاجتماعي للدولة، وانتهت محكمتا اول درجة والاستئناف الى عدم الاختصاص، لكن محكمة النقض قبلت الطعن شكلاً ورفضته موضوعاً، وأعلنت أن العبرة في الاختصاص هو بادعاء المخالفة لا الطعن بقانون الجنسية.
ويثور تساؤل آخر، عن المبررات التي ستواجه دولة الكويت امام المجتمع الدولي بعد تصديقها اتفاقيات الحقوق المدنية والسياسية، والعديد من الاتفاقيات الدولية، وهي ملزمة، وكفالة حق التقاضي بالدستور والشريعة الاسلامية، وهي مصدر رئيسي له، وهو ما أشار اليه وزير العدل في معرض تعديل المادة 153 من قانون الجزاء.
ومن بين تلك الالتزامات الدولية كذلك، العمل على تعديل الوضع القانوني لعديمي الجنسية، وهذه مسألة كثيراً ما تتردد أصداؤها في الاجتماعات الدورية للمنظمة الدولية، ولجان حقوق الإنسان.
ومما يؤخذ على اللجنة انها لم تضم في عضويتها، ممثلا عن ديوان حقوق الانسان، ولا ممثلاً عن وزارة الخارجية، وهما جهتان معنيتان.
لقد، راكمت حالات سحب الجنسية، ارقام فئة ما تسمى "المقيمين بصورة غير قانونية"، رغم اختلاف سبب كل منهما.
وتهدف هذه المقالات الى ابراز الجانب الانساني والاجتماعي الذي غاب بسبب "الاسراف في استعمال الحق والصالح العام"، بدلاً من استعماله بالعدل و للخير العام"، (الطعن رقم 20 لسنة 16 بتاريخ1947، محكمة النقض المصرية - الطماوي المرجع السابق".
حفظ الله الكويت أميراً وحكومة وشعباً.
مستشار قانوني