حوارات
أواظب منذ فترة على قراءة سورة البقرة كل يوم، ويستوقف نظري وعقلي دائمًا آية: "وَاتَّقُوا يَوْما تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ"(281)، وأعتقد أنه بالنسبة لأصحاب الفطنة والعقل، وأهل البصر والبصيرة، لا تمرّ عليهم هذه الآية الكريمة دون أن تجذب عقولهم.
وربما تقشعر لها ابدان بعضهم، بسبب ما يدركون من مضامينها، وما يستوعبون منها من معاني أخلاقية وسلوكيّة وفكريّة عميقة.
وربما تمثّل هذه الآية الكريمة بالنسبة الى بعض العقلاء بوصلة أخلاقية يجب الالتزام بها في علاقاتهم مع أنفسهم ومع الآخرين. ومن بعض ما أعتقد أنّه سيرسّخ التَّقْوَى في قلب الانسان في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:
- تَقَوى الله مع الضعفاء: يستطيع الانسان القوي التعامل مع ما يتعرّض له من ظلم، أو قهر، أو إهانة، وربما يستطيع أغلب الوقت دفع الضرر عن نفسه، لكن ربما يعجز عن الدفاع عن نفسه ضدّ من يظلمه، أو يفرِط عليه، أو يستمر في إهانته من هو ضعيف بسبب ضيق حاله، إمّا بسبب فقره، أو لأي سبب كان، ومن يترفّع بنفسه عن ظلم الضعفاء وقهرهم، أو ازدرائهم لضعفهم، هو من يتّقي الله عز وجلّ بسبب إدراكه أنه سيرجع يوماً ما لمن لا يظلم عنده أحد، ومن ينتصر لمن ظلم بسبب ضعفه.
-الأمانة والاخلاص: من يحرص على الأمانة والإخلاص، قولاً وفعلاً، في السرّ والعلن، هو من يخشى ربّه عزّ وجلّ، وتظهر تقواه في مراقبته الدائمة لربّه، والتّقيّ هو الأمين المخلص.
- الامْتِناع عن النميمة والغيبة: من يتّقي الله عزّ وجلّ في ما يقوله في المجالس، الخاصة والعامة، هو الأكثر وعياً بأنّ كل ما ينطق به لسانه سيحاسب وسيجازى عليه، شرّاً كان أم خيراً. -التصدّق وعمل الخير: من ترسّخت تقوى الله عز وجلّ في عقله وقلبه، وسلوكيّاته الشخصية، سيحرص على التصدّق وعمل الخير بسبب إيمانه التّام بأنه يجهِّز للشيء الوحيد الذي سينفعه في الآخرة: عَمَله، فطوبى لمن اتَّقى الله.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@