يبدو أن بعض مسؤولي الجهات المعنية يطبّقون سياسة "الباب اللي بيجيك منه الريح سدّه واستريح"، وإلّا فما معنى أن يوعز المسؤولون عن المناطق الزراعية بقفل باب المزارع السياحية - إن جاز لنا هذا التعبير - نهائياً، خصوصاً تلك المزارع التي يخصص حائزوها جزءاً منها لتقديم الوجبات السريعة، والمشروبات الساخنة والباردة عبر مقاه واستراحات فاخرة، كونها غير مرخصة من الجهات المعنية بأمر الزراعة والغذاء والتغذية، حرصاً على سلامة رواد هذه المطاعم والمقاهي الزراعية النائية في الوفرة والعبدلي، لكون هذه المزارع حيازات ملكا للدولة، لا ملك للمزارع المستأجر لها، كما يقولون؟
ووفق ما أرى، ونظراً الى عدم وجود منتزهات عامة في المنطقتين الزراعيتين النائيتين، أي في أقصى شمال البلاد وجنوبها (العبدلي والوفرة)، فإن من الأهمية بمكان السماح، بل الترخيص الرسمي القانوني لبعض المزارعين الراغبين في تخصيص جزء من مزرعة كل منهم بنسبة لا تتعدى اثنين في المئة (2%) من مساحة المزرعة، أو بمصطلح أدق "الحيازة" التي يستأجرها المزارع المواطن من الدولة بمقابل مالي، المزارع يدفع سنوياً، ومن خلال الترخيص الرسمي المأمول تتمكّن الجهات المعنية من مراقبة ومتابعة النشاط الترفيهي والترويحي السياحي في كل حيازة زراعية، ومعرفة مدى تطبيق كل مزارع راغب في فتح أبواب مزرعته للجمهور بالشروط والضوابط الضرورية لسلامة وصحة الناس، وحمايتهم الواجبة من الاستغلال والجشع.
وبذا تستفيد الدولة، وكذلك المزارع وايضاً الجمهور الباحث عن البرّ الفسيح، والخضرة النضرة، والإنتاج الآمن صحياً، والمحبّ للانطلاق في المناطق الشاسعة المفتوحة النائية المعروفة بالأرياف، المتنفس الطبيعي للناس في معظم الدول، إن لم يكن كلها.
مذكّراً أنه ليس في مقدور كل أسرة، لا سيما الوافدة والمقيمة، ارتياد البرّ ونصب خيمة فيه؛ فتجد في هذه المزرعة، أو تلك في الوفرة والعبدلي، مكاناً مناسباً لتقضي فيه وقتا بهيجا، ولو ليوم واحد في ربوع الوفرة والعبدلي البديعة.
كما أن وجود المزارع السياحية لجميع العائلات يخفف العبء البشري على البر، والمناطق البرية المكشوفة؛ فتنمو فيها النباتات والأعشاب الطبيعية البرية البديعة، التي تمتع النظر وتريح النفس بضعة أشهر من السنة، قبل حلول الصيف القائظ في بلادنا الكويت.
صحيح أن الحيازة في الوفرة والعبدلي، وحتى في كبد والصليبية للإنتاج الزراعي، لكن سماح الدولة بتخصيص جزء من كل حيازة وجيهة لا يتعدى الاثنين في المئة من مساحتها الكلية لا ضرر فيه، ولا ضرار على أن يدفع المزارع نظير ترخيصها، ومتابعة النشاط السياحي فيها خلال العطلات مبلغاً محترماً من المال لخزينة الدولة، على أن يلتزم بالنسبة المزروعة من أرض الحيازة، والملزمة له في بند عقد المزرعة بينه وبين الدولة، والأهم أن يقتصر بيعه من الخضراوات والثمريات، والمنتجات الزراعية، على ما تنتجه مزرعته لا غير.
عضو مجلس إدارة هيئة الزراعة، واتحاد المزارعين الأسبق.