الأربعاء 12 مارس 2025
23°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قانون احتكار الأراضي الفضاء في الكويت: التنظيم القانوني والرسوم المستحقّة
play icon
ايمان الحشاش
الاقتصادية

قانون احتكار الأراضي الفضاء في الكويت: التنظيم القانوني والرسوم المستحقّة

Time
الثلاثاء 11 مارس 2025
View
40
ايمان الحشاش

ايمان الحشاش

تعد قضية الأراضي الفضاء في الكويت من أكثر القضايا العقارية تعقيداً حيث ساهم احتكار القسائم غير المبنية في تضخم أسعار العقارات السكنية مما أدى إلى تفاقم أزمة السكن التي يعاني منها المواطنون وفي محاولة لمعالجة هذه المشكلة، صدر القانون رقم 50 لسنة 1994 لتنظيم استغلال القسائم السكنية، والذي خضع لاحقاً لعدة تعديلات جوهرية، أبرزها التعديل بموجب القانون رقم 8 لسنة 2008، وأخيراً القانون رقم 126 لسنة 2023 الذي شدد العقوبات ورفع قيمة الرسوم على القسائم غير المبنية.

أولاً: القانون رقم 50 لسنة 1994 وتعديلاته

1. فرض رسوم على الأراضي الفضاء غير المستغلة

حدد القانون رقم 50 لسنة 1994 رسوماً سنوية على القسائم السكنية غير المبنية التي تزيد مساحتها عن 5,000 متر مربع، حيث تم فرض نصف دينار لكل متر مربع كرسوم سنوية. وفي التعديل الصادر عام 2008 (قانون 8 لسنة 2008)، تم رفع الرسم إلى 10 دنانير لكل متر مربع بعد مضي سنة من تاريخ العمل به، مع اعتبار أن القسيمة لا تعتبر مبنية إلا إذا بلغت نسبة البناء 200 متر مربع أو 20% من مساحتها، أيهما أكبر.

2. تقييد التصرف في الأراضي المحتكرة

بهدف الحد من المضاربات العقارية، نص القانون على أنه لا يجوز إتمام إجراءات نقل الملكية أو إصدار توكيلات بالتصرف في القسائم التي لم تسدد عنها الرسوم، إلا بعد الحصول على موافقة خطية من وزارة المالية، وإلا فإن أي تصرف يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً.

3. منع الشركات والمؤسسات من التعامل في القسائم السكنية

حظر القانون تعامل الشركات والمؤسسات الفردية مع القسائم السكنية سواء بالبيع، الشراء، الرهن، إصدار حوالة حق، أو حتى التوكيل بالتصرف. أي تعامل من هذا النوع يعد باطلاً قانونياً.

ثانياً: القانون رقم 126 لسنة 2023 – تعديل جوهري في الرسوم والإجراءات

بسبب استمرار احتكار الأراضي وعدم استغلالها رغم التشريعات السابقة، جاء القانون رقم 126 لسنة 2023 ليضع مزيداً من القيود على الملاك، ويزيد الرسوم التصاعدية، مما يجبرهم على البناء أو طرح الأراضي للبيع.

1. رسوم سنوية تصاعدية

بموجب التعديل الجديد، تم تخفيض المساحة الخاضعة للرسم إلى 1,500 متر مربع بدلاً من 5,000 متر مربع، وتم تحديد رسم سنوي يبدأ بـ10 دنانير لكل متر مربع، لكنه يرتفع تدريجياً بمقدار 30 ديناراً سنوياً حتى يصل إلى 100 دينار للمتر المربع.

2. استمرار استحقاق الرسوم رغم التصرفات العقارية

نص القانون على أن التصرفات التي تعيد الملكية إلى نفس المالك خلال سنتين لا تقطع المدة المقررة لاستحقاق الرسوم، وكذلك في حالة الرجوع عن الوقف، مما يمنع التحايل على القانون عن طريق نقل الملكية الصورية.

3. منع التصرف بالقسائم غير المسددة

لا يجوز إتمام إجراءات نقل الملكية أو إصدار أي توكيل بالتصرف في الأراضي غير المبنية إلا بعد سداد الرسوم المستحقة، كما أُلزمت الجهات الحكومية بعدم التعامل مع الملاك المتخلفين عن سداد الرسوم.

4. بيع الأراضي المحتكرة عن طريق المزاد العلني

سمح القانون لأصحاب الأراضي غير القادرين على سداد الرسوم بتقديم طلب لبيع القسائم إما ببيعها مباشرة أو عبر مزاد علني تنظمه وزارة العدل، على أن يتم اقتطاع قيمة الرسوم المستحقة للدولة من عائدات البيع.

5. استمرار حظر تعامل الشركات والبنوك مع القسائم السكنية

أكد القانون الجديد استمرار حظر تعامل الشركات والبنوك والمؤسسات الفردية في القسائم المخصصة للسكن الخاص، باستثناء البنوك التي تمنح تمويلاً عقارياً لمواطنيها لشراء عقار سكني واحد فقط.

6. تعديل شرط البناء لإيقاف استحقاق الرسوم

بحسب القانون الجديد، لا تعتبر القسيمة مبنية إلا إذا بلغت نسبة البناء 50% من مساحتها وتم إيصال التيار الكهربائي إليها، وهو تعديل جوهري مقارنةً بالحد الأدنى السابق (20% فقط).

ثالثاً: نقاط قانونية لم يتم معالجتها بشكل كافٍ

رغم التعديلات المتعددة، إلا أن القانون الجديد لم يتطرق إلى بعض الجوانب المهمة التي قد تحتاج إلى تعديلات مستقبلية، ومن أبرزها:

1. الأراضي المملوكة للدولة

لم يعالج القانون بشكل واضح وضع الأراضي الفضاء المملوكة للدولة سواء عبر وزاراتها أو الهيئات الحكومية

2. إمكانية إعادة النظر في المساحة الخاضعة للرسم

قد يشهد القانون مستقبلاً تعديلات تتعلق برفع الحد الأدنى للمساحة الخاضعة للرسم من 1,500 متر مربع إلى 3,000 متر مربع، وذلك استجابةً لمطالب بعض الملاك الذين يرون أن الحد الحالي قد يكون منخفضاً، خصوصاً للأفراد الذين يمتلكون أراضٍ لغرض السكن الشخصي وليس للمضاربة. مثل هذا التعديل قد يهدف إلى تحقيق توازن أفضل بين مكافحة احتكار الأراضي الفضاء وعدم فرض أعباء مالية على ملاك المساحات المتوسطة

3. غياب الحوافز مقابل فرض الرسوم

رغم أن القانون يفرض رسوماً متزايدة، إلا أنه لم يقدم حوافز إيجابية للملاك الذين يقومون بالبناء، مثل إعفاءات أو تسهيلات مالية للأشخاص الذين يشرعون في البناء ضمن مدة معينة.

4. امكانية اعادة النظر في تعديل شرط البناء لإيقاف استحقاق الرسوم، حيث من المتوقع إعادة النظر في نسبة البناء المطلوبة، والتي حددها القانون الحالي بـ 50% من مساحة القسيمة مع إيصال التيار الكهربائي، بعد أن كانت في السابق 20% فقط. يهدف هذا التعديل إلى تحقيق توازن بين تشجيع البناء وتخفيف الأعباء على ملاك القسائم السكنية.

إن القانون رقم 126 لسنة 2023 يمثل خطوة جادة في مكافحة المضاربات العقارية والحد من احتكار الأراضي الفضاء، من خلال فرض رسوم تصاعدية صارمة على الأراضي غير المبنية، وحظر التصرف فيها دون سداد المستحقات المالية. كما شدد القانون على منع الشركات من التعامل بالقسائم السكنية، وفتح المجال أمام البيع الإجباري في المزادات العلنية لتقليل الاحتكار.

ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل سيحقق هذا القانون الهدف المرجو في تخفيض أسعار الأراضي السكنية، أم أن المضاربين العقاريين سيجدون طرقاً جديدة للتحايل عليه؟

الإجابة ستتضح في السنوات القادمة مع تطبيق القانون عملياً، ولكن يبقى من الضروري أن تراقب الدولة السوق العقاري بشكل مستمر، وتصدر تعديلات جديدة لمعالجة أي ثغرات قد تظهر مستقبلاً.

مستشار قانوني عقاري

آخر الأخبار