الاثنين 31 مارس 2025
23°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
البَطَر اختيار شخصي
play icon
كل الآراء

البَطَر اختيار شخصي

Time
الاثنين 24 مارس 2025
View
30
د.خالد الجنفاوي
حوارات

"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" (النحل 112).

لا يُمكن منطقياً إرغام أحد على أن يفرِط في بطره بالنعمة، أو يستعملها لغير ما خلقت له، ولا يمكن إِجْبار أحدهم على أن "يفسِق"، ولا يمكن في كل الأحوال إِكْراهه على التكبّر، ما لم يختار بحريّته الكاملة الانغماس في البطر والتكبّر، ومن بعض أسباب اختيار بعض الأفراد البَطَر في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:

- البطر وعقدة النّقص: يسعى من يختار ممارسة البطر الى تعويض ما يشعر به من عقد نقص شخصية، فيمارس تعويضاً نفسياً سلبياً لسدّ النّقص إمّا بالتكبّر المفرط، وإما بالانغماس الجنوني في الشهوات البهيمية، وإما يستعمل النعمة في ما لم توضع له من الأساس.

- الشعور بالاستحقاق الشخصي: يتصوّر بعض الأفراد المضطربين أخلاقياً، والضعفاء دينياً بأنّ ما يأتيهم، وما يملكونه من نِعَم لا تعدّ ولا تحصى، أتت إليهم فقط بسبب استحقاق ذواتهم، أو بسبب بذلهم لجهود فكريّة، أو نفسية، أو جسدية خارقة للحصول على الثروة.

بينما يختارون أن يتناسوا العامل المهم في النِعَم، وهو التوفيق الإلهيّ، فيبدأ هؤلاء تدريجياً يفرطون في الإعجاب بأنفسهم وعقولهم، وقدراتهم ومهاراتهم، وميزاتهم الشخصية، ويبدأون يكفرون بالنعم، والعياذ بالله.

- مجالسة أهل البطر: يميل الانسان البَطِر الى مجالسة، ومخالطة من يشابهونه في سلوكيّاته البطرة، فالطيور على أشكالها تقع، ويُحال بينه وبين اكتشاف ما هو مختلف عن سلوكه، فيستمر البَطَر بالنسبة لهذا الانسان المتقوقع في مجموعته الخاصة، وكأنه الخيار الحياتي الوحيد بالنسبة له، وينظر الى ما يقوله ويفعله من تصرفات مسرفة وكأنها الأصوب.

- مُحْدِث النعمة: يُرزق أحدهم فجأة نِعَماً ربما لم يحلم بها في السابق، وقَدْ تتحوّل حياته بين ليلة وضحاها، من فقر مُذِلّ الى ثراء فاحش، فتعمى بصيرته، وتضطرب لديه بوصلات التفكير والأخلاق، ويفقد اتزانه النفسيّ، ويبدأ يختار من تلقاء نفسه الكفر بالنعم، فلا عجب أن يبطر كثير من مُحدَثي النعمة.

كاتب كويتي

DrAljenfawi@

آخر الأخبار