الاثنين 31 مارس 2025
24°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا أهل غزة ...'ألف عدو في الخارج ولا مخرب في البيت'
play icon
الافتتاحية

يا أهل غزة ..."ألف عدو في الخارج ولا مخرب في البيت"

Time
الخميس 27 مارس 2025
View
6230
أحمد الجارالله

منذ 77 عاماً والقضية الفلسطينية محاصرة بشذاذ الآفاق، وفي كل فترة تخرج قلة ممن ينتسبون إليها كي يستثمروا في معاناة هذا الشعب، فمن شعار "سنرمي إسرائيل في البحر" حتى "طوفان الأقصى" لم يجد الفلسطينيون ناصراً لهم يعبر عن قضيتهم خير تعبير، بل رأوا أن ما تسمى حركة التحرر الوطني نافذة للمزيد من تضييع حقوقهم المشروعة.

فـ"حماس" المولودة من رحم "الإخوان المسلمين" تكمل مسيرة إهدار ما تبقى من أمل في تحقيق دولة قابلة للحياة.

قلنا، أمس، إنه منذ عام 1928 كان "الإخوان" حصان طروادة لتحقيق مشاريع تفتيت العالم العربي، ودس سم الصهيونية في عسل "النضال"، ولقد ظهر ذلك جلياً في السابع من أكتوبر عام 2023 حين أعادت "حماس" عقارب الساعة إلى الوراء، بعملية حمقاء، فيما كان مفاوضها يقيم بأفخم الفنادق، بينما الدم يهدر في الخنادق.

أهل غزة مؤمنون بعدالة قضيتهم، وأيضاً هم أحرص على الدم الفلسطيني أكثر من غيرهم، لكنهم منذ 18 عاماً زُجُّوا في نفق القمع والتجويع، فالغالبية التي كانت صامت انفجر غضبها اليوم، والحق الذي كانت تحاول زمر الفصائل أن تكبته مهما كلف الأمر، لم يعد هناك ما يرده، لأن الحق حصحص، والجوع استوطن البطون، والقتل إذا كان في السابق بالمفرق أصبح اليوم بالجملة.

كذلك كذبة العملاء والتصفيات العلنية لم تعد تنطلي على أحد، وأدرك الناس بعد طول عذاب أنهم ضحايا دائمون لأصحاب الياقات البيضاء، الحريصين على عدم تلويث بذلاتهم الأنيقة بغبار المعاناة، لذا كانوا يحرصون على قمع أنين جائع أو مريض.

لكل هذا لن تستطيع حكومة "حماس"، مهما فعلت وقف سيل الاحتجاجات المندلعة بين ركام البيوت المدمرة، وكأنه كتب على هذه البقعة أن تعيش طوال الوقت بالخراب والقتل، فإذا لم يأتِ ذلك من إسرائيل، يأتيهم من أهل البيت، وقيل قديماً "ألف عدو في الخارج ولا مخرب في البيت".

اغتصاب السلطة لم يكن نتيجة لحظة فراغ سياسي، ففي عام 2007 انقلبت "حماس" على الجميع، ومن يعلنون إيمانهم الزائف، لم يحترموا الكعبة المشرفة فنكثوا الاتفاق الذي وقع فيها، وراحوا يمارسون عبثهم بأمر من التنظيم الدولي لـ"الإخوان"، لهذا كان ديدنهم إخماد أي جذوة أمل، بدءاً من اتفاق "غزة - أريحا" عام 1993، وصولا إلى يومنا هذا.

في هذا الشأن علينا التحدث بواقعية، فإسرائيل أصبحت أمراً واقعاً، شاء من شاء وأبى من أبى، وهي مدعومة من غالبية دول العالم، حتى العظمى منها، وعلينا ألا تأخذنا تظاهرات التضامن في بعض العواصم الأوروبية، فهي لن تغير القرار الرسمي للحكومات، حتى لو أبدت بعض التعاطف، لكنها في المقابل تستمر بتسليح تل أبيب.

في الواقعية السياسية إن "العين لاتقاوم المخرز" بينما في الأحلام كل شيء جائز، وهذا هو الفرق الذي لم يدركه قادة "حماس" أكانوا في الداخل أو الخارج، لذا خدموا المخطط الإسرائيلي بطريقة غير مباشرة، ولهذا علينا مراجعة تاريخ القضية، منذ ثورة عام 1936، ففي كل مرة كانت تنتهي "الهبات الثورية" إلى ترسيخ الاحتلال، وكأن القادة الفلسطينيين يشتغلون في أحد مكاتب الـ"موساد".

أضف إلى ذلك منذ عام 1979 أخذت ما يسمى "الثورة الإسلامية" حصة في توظيف الدم الفلسطيني لتحقيق مشروعها الحالم، كل هذا كان من شأنه أن يدمر مشروع الدولة المنتظرة.

للأسف إن أحداً من قادة فلسطين، وبعض العرب، لم يقتنع أن إسرائيل لا تريد السلام، طالما لم تواجه بمشروع عربي جدي، كما هي الحال مع المبادرة العربية المقرة بقمة بيروت، فهي تجد دائماً حمقى من قادة المنظمات يهيئون لها المخارج كي تفلت من السير في تلك المبادرة. لهذا اليوم، ومع الاحتجاجات الغزوية على الممارسات "الحمسوية"، بات الجميع أكثر إدراكاً أن الخلاص من حكم تلك الحركة للقطاع ليس كافياً، بل وجبت محاكمة قادتها الذين ارتكبوا جريمة كبرى بحق شعبهم.

آخر الأخبار