الاثنين 31 مارس 2025
23°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قصة أربع دعوات مباركات
play icon
كل الآراء

قصة أربع دعوات مباركات

Time
الخميس 27 مارس 2025
View
50
محمد الفوزان
قصص إسلامية

كان هناك رجل سكير، دعا قوماً من أصحابه ذات يوم، فجلسوا، ثم نادى على خادمه، ودفع إليه أربعة دراهم، وأمره أن يشتري بها شيئاً من الفاكهة للمجلس.

أثناء سير الخادم مرّ بالزاهد منصور بن عمار، وهو يقول: "من يدفع أربعة دراهم لفقير غريب، دعوت له أربع دعوات". فأعطاه الخادم الدراهم الأربعة، فقال له منصور بن عمار: "ما تريد أن أدعو لك"؟

قال الغلام: "لي سيد قاس، أريد أن أتخلص منه، والثانية أن يخلف الله عليَّ الدراهم الأربعة، والثالثة: أن يتوب الله على سيدي، والرابعة: أن يغفر الله لي ولسيدي ولك والقوم".

فدعا له منصور بن عمار، وانصرف الغلام، ورجع إلى سيده الذي نهره، وقال له: "لماذا تأخر ت وأين الفاكهة"؟ فقص عليه مقابلته لمنصور الزاهد، وكيف أعطاه الدراهم الأربعة، مقابل أربع دعوات، فسكن غضب سيده، وقال: "وما كانت دعوتك"؟

قال: "سألت لنفسي العتق من العبودية". فقال السيد: "قد أعتقتك، فأنت حر لوجه الله تعالى، وما كانت دعوتك الثانية"؟ قال: "أن يخلف الله عليَّ الدراهم الأربعة".

فقال السيد: "لك أربعة آلاف درهم، وما كانت دعوتك الثالثة"؟ قال: "أن يتوب الله عليك"، فطأطأ السيد رأسه وبكى، وأزاح بيديه كؤوس الخمر وكسرها، وقال: "تبت إلى الله، لن أعود أبدا".

وأضاف: "فما كانت دعوتك الرابعة"؟ قال: "أن يغفر الله لي ولك وللقوم". قال السيد: "هذا ليس إليَّ، وإنما هو للغفور الرحيم". فلما نام السيد تلك الليلة سمع هاتفا يهتف به، أنت فعلت ما كان إليك، لقد غفر الله لك، وللغلام، وللمنصور بن عمار وللحاضرين أجمعين.

الدعاء عبادة من أجلّ العبادات، وأعظم الطاعات، وأنفع القربات، والدعاء وإن كان سنة مشروعة مندوباً إليها في كل وقت وحين، إلا أنه في أوقات مخصوصة، وأماكن معلومة يكون آكد سنية، وأشد طلباً، وأرجى قبولاً.

ومن الأوقات التي يلتمس فيها الدعاء، ويطلب أيام رمضان ولياليه؛ فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن دعاء الصائم مقبول وأن دعوته لا ترد.

فقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أنس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم" (صححه الألباني).

وكلام العلماء في تفسير الحديث يدل على أن الدعاء يكون قبل الإفطار، ووقت الإفطار وبعده. ورجح بعضهم أنه وقت الفطر أدعى للقبول .

ومن التضرع رفع اليدين عند الدعاء، فإن الله يستحي من العبد أن يرفع إليه عبده يديه، ثم يردهما صفراً خائبتين.

ومن التضرع كثرة الإلحاح والتكرار، وألا تتبرم إذا أبطأت عليك الإجابة؛ فإن الله يستجيب لعبده ما لم يعجل، ويقول دعوت فلم يستجب لي فيستحسر حينئذ ويدع الدعاء.

واعلم أنك رابح مع الدعاء في كل حال؛ فالله إما أن يعطيك مسألتك ويجيب دعاءك، وإما أن يصرف عنك من السوء مثلها، وإما أن يدخرها لك يوم القيامة.

عن النُّعْمانِ بْنِ بشيرٍ (رضِي الله عنْهُما)، عَنِ النَّبيِّ (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم) قَالَ: "الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ". (رواه أَبُو داود والترمذي، وقالا حديث حسن صحيح).

قال تَعَالَى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ"(البقرة: 186). عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ، فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا"(بن ماجة).

مع الأسف كثير منا صار الدعاء، في حياته، عادة من غير حضور القلب، يتحرك بها اللسان تحركاً آلياً، وترفع الأيدي ارتفاعا شكلياً، بل إن هذا اللسان الذي يردد الدعاء، طالما أكل لحم الناس، ونهش أعراضهم... طالما اغتاب وذم، وكذب وخدع، وأفسد وآذى، فأنى يستجاب له.

إمام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار