هل فعلا الكويت ذاهبة الى أن تكون مركزا تجاريا وماليا دوليا؟
هذا السؤال يُطرح بقوة في ظل القرارات الوزارية والقوانين الجديدة.
لا شك ان تنظيم الاسواق كافة مطلب الجميع، غير أن ثمة اجراءات تحتاج إلى رؤية طويلة المدى، تتعلق بالإستثمار، الداخلي والخارجي، والمرونة في هذا الشأن.
فحين تصدر وزارة التجارة قراراً فيه نوع من عدم الثقة التجارية بالمؤسسات او الشركات، ومن لا يلتزم "ستكون هناك غرامات مالية تبدأ من 1000 وتصل إلى 10 آلاف دينار، لذا يجب على الجميع المسارعة بالإفصاح وتحديد هوية المستفيد الفعلي لتفادي العقوبات المالية"، فذلك يزيد من تعقيد العمل التجاري، فيما المطلوب المرونة.
في هذا الشأن لا بد من الاخذ بالاعتبار أن الإساءة لا تقابل بتعميم العقوبة، فإذا كانت مجموعة من التجار لم تدرك معى هذا الامر، لا يجب أن يؤخذ الكل بالجريرة، خصوصا أان الكويت بحاجة إلى المزيد من جلب الاستثمارات، اسوة بباقي الدول الساعية إلى تنويع مصادر دخلها.
في الجانب الاخر، صدر قرار بشأن الاراضي بعنوان فضفاض، وهو يشبه بمنع إحكتار الاراضي، هنا ثمة خطأ من الواجب توضيحه، فالاقتصاد الكويتي حر، دستورياً، ما يعني أن ليس هناك قيود عليه، إلا في حالات الغش والتدليس، وكل ما يخالف الدستور والقانون.
لذا من الواجب أن تكون هناك رؤية، ايضا، في هذا الشأن كي لا تذهب الامور الى غير مقاصدها، حتى لو كانت النيات حسنة، إلا أنها تذهب في سوء التقدير، او النص غير الواضح، إلى غير الهدف الاساسي، وهذا لا يفيد بعملية التحول إلى مركز مالي وتجاري، فالمسثتمر لن يقدم على دفع امواله في البلاد فيما يرى ان هناك مخاطر كبيرة.
هذا الامر يقودنا الى وجه اخر من القوانين الصادرة اخير، وفيه
رأت نسبة من المواطنين نوعا من التعسف، واقصد قانون المرور، إذ صحيح أن الحد من حوادث الطرق يجب معالجته، بما يخفف من نسبتها، لكن الواقع يخالف ما ذهب اليه المشرع، فالاحصاءات تشير إلى أن هناك مبالغة في التشدد.
صحيح أن الفكرة جيدة، لكن المعالجة فيها الكثير من الاجحاف غير المبرر، فمع هذا الكم الهائل من "كاميرات" مراقبة الطرق تصبح المسألة اشبه بالتقييد الذي يربك السائق.
في العقود الماضية، خصوصا حين دخل بعض الموظفين العموميين العمل بالتجارة، رأينا قرارات تنفيذية منهم كانت تخدم مصالحهم، لا سيما اصحاب مكاتب "سيارات الاجرة" الذين كانوا تشددون لخدمة لمصالحهم الخاصة، فماذا كانت النتيجة؟ الاجابة يعرفها الجميع.
ثلاث قضايا في ظرف شهر شائكة، وفيها ما يدل على نوع من التسرع، بينما أراها جرعة كبيرة، لان الناس اصبح لديهم انطباع وكأنهم في مدرسة.
يستحق الشعب الكويتي الثقة لأن المخالفات ثانوية، وليست أساسية، فإذا كان تهدف إلى الإصلاح فاهلا وسهلا، لكن تجب مراعاة القاعدة القانونية البديهية، وهي أن القانون ينظم حياة المجتمع، وفق ثقافته، فهو يتحول سلوكاً اجتماعيا عاما، بمعنى أن القاعدة المعمول بها في العالم هي بناء الأحكام على الشاذ والنادر والتصرفات الفردية فيه ظلم للمجتمع.