سادت، بل ترسخت في التعليم العام، ثقافة العنف والتحريض بين التلاميذ، والطلبة في المدارس، ولا بد أن يكون هناك نبع لهذه الظاهرة الشاذة، وإشكالية اجتماعية، ومعضلة تربوية معقدة!
دقت النيابة العامة مجدداً ناقوس الخطر، القانوني الاجتماعي، في ضوء ارتفاع حالات "الاعتداء بالضرب والمشاجرات"، والعنف في مدارس التعليم العام، بناء على استبيان شمل 300 طفل، بنسبة "66 في المئة تعرضوا للعنف"، خلال العام 2024.
سبق ناقوس النيابة العامة، مخاطبة رسمية من وزارة الداخلية إلى وزارة التربية عن انتشار ظاهرة التحريض، والسلوك الإرهابي في المدارس، وانتماء بعض طلبة مرحلة الثانوية للفكر الجهادي، والمنظمات الإرهابية!
المخاطبة الأمنية نشرتها الوزارة ببيان رسمي، ولم تجامل في الإجراء، والطلب العلني من وزارة التربية، تشديد الرقابة، والمتابعة لما يجري في مدارس التعليم العام.
ثقافة العنف، والتحريض، والسلوكيات الإرهابية، والانتماء إلى جماعات إرهابية تمددت في المجتمع، ومدارس التعليم العالي، لدرجة مفزعة، وهو دليل على وجود مصدر مغذي، ومحرك، لهذه الظاهرة القاتلة في التعليم العام، من دون استثناء المدرسين، والعاملين في المدارس.
العامل المشترك في العنف، والتحريض، والفكر الإرهابي، في التعليم العام هو الدين المحرف، وإغراءات جهادية، وتضليل فقهي، وهيجان سلوكي، وفزعة دينية، واجتماعية لتطورات شتى، من دون التقليل من العوامل الاجتماعية، المرتبطة بالتفكك الأسري، وانتشار ظواهر دخيلة، على المجتمع والأسرة أيضاً!
المعضلة ممكن حصرها في المناهج الدراسية، وتواضعها، وفزع تربوي من التعديل، والمراجعة، والتحديث، فالمناهج قد تكون موجهة لغايات غير تربوية، وغير تعليمية، ولا شك أن تراخي وزارة التربية وفزعها، المهني والديني، من تقييم التعليم العام، والمدرسين قبل الكل، والتدقيق في تصرفات، وسلوكيات، وانتماءات، هؤلاء خلف أسوار المدارس، وخارجها.
أدب التحريض، والغلو الفكري، والتكفير له منابع دينية متشددة، وأخرى إسلامية سياسية، وقد وثقت العديد من المراجع الدينية، والفكرية، والأحداث داخل الكويت، وخارجها؛ لكن من يجرؤ على اقتحام أسوار المدارس، والمناهج الدراسية، ومراجعتها والتدقيق عليها، بالاستعانة من ذوي الخبرة الثقافية، والاعتدال الفكري، والديني؟
مناقشة أدب وإعلام التحريض، والتكفير، والفكر الجهادي، ليست مادة رائجة، أو محفزة ومسموح بها في المجتمع، وجمعيات النفع العام، والمهنية خصوصا، بل تعتبر مناقشة محظورة في منابر التعليم العام كالمدارس، وأيضاً في مؤسسات المجتمع المدني في حين العكس يلقى الترحيب، والاحتضان في جمعيات النفع العام، وأجهزة الدولة من دون استثناء التعليم العام!
ثمة العديد من الحلول، والنوافذ لتصدير التسامح، ونشره، وترسيخه، وشرح الدين من منظور معتدل، لبث روح التسامح وليس جذب الأطفال، والتلاميذ، والطلبة إلى التدافع نحو الجهاد، والاقتتال باسم الدين.
نافذة الفرح، وتوزيعه بين التلاميذ وفي المدارس، تكاد تكون غير موجودة بالمناهج الدراسية، وبيئة التعليم، والدراسة، إن لم تكن مغيبة تماماً بالمقارنة مع مواد أخرى ذات أبعاد جهادية، وتربوية جدلية، في التعليم العام!
الكويت باتت مأوى حنوناً، ولجوءا آمنا للإسلام السياسي، أي جماعة الإخوان المسلمين، والتيار الديني المتشدد، والتطرف الفكري، والغلو في الدين، ومدارس التعليم العام ليست بمنأى عن ما يجري في الساحة الكويتية.
KAltarrah@