جولة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على بعض دول الخليج، ومنها الكويت، لها دلالات كثيرة، لا يمكن لأحد أن يتعاطى معها إلا بروح التفاؤل، رغم الظروف الدولية والإقليمية الحساسة التي تمر بها المنطقة، فمصر ركن أساسي في العمل العربي المشترك، ودورها كبير في هذا الشأن.
طوال 12 عاماً، كانت دول الخليج تراقب التطورات المصرية في أكثر من مجال، وما تؤديه الإدارة الجديدة، برئاسة الرجل الذي أخذ على عاتقه استعادة بلاده من براثن الفوضى "الإخوانية"، والخراب الذي أحدثته، جراء حكم تلك الجماعة هبة النيل، خلال عام واحد فقط، وما تسببت به من تدمير ممنهج للاقتصاد والمجتمع، وتوتير العلاقات مع دول العالم، ما شكل ضعفاً للحضور المصري، عربياً ودولياً.
لقد عملت إدارة الرئيس السيسي على خطوط عدة خلال السنوات الماضية للترميم، بدأت من إعادة الاستقرار الأمني، وكذلك إنهاض الاقتصاد، ومعالجة المشكلات الاجتماعية المزمنة، إلى استعادة القاهرة دورها الإقليمي على أكثر من مستوى.
نعم، مرت مصر بسنوات عجاف، وما كان لأي رئيس إدارة دولة تعاني من تلك الأزمات، وبهذه السرعة لولا الإيمان بالقدرة على تخطي الصعاب والرهان على الروح الوطنية، لهذا رأينا شبكة القطارات والطرق الكبيرة، والعاصمة الجديدة، والمدن الإسكانية الحديثة، في رأس الحكمة، والعلمين، والساحل الشمالي، وغيرها من المشاريع الضخمة من خلال شراكات عربية ودولية، وفردية، خصوصاً خليجية كان لها أكبر الأثر في نهوض مصر من كبوتها.
لقد كان إيمان "مجلس التعاون الخليجي" في دعم مصر، أنه دعم لاستقرار هذه الدول، بسبب العلاقة المصيرية بينها، وأي انتكاسة فيها تمتد إلى كامل العالم العربي، لموقع مصر الجغرافي، والديموغرافي.
ولقد أثبت ذلك أن الشراكات العربية عامل مهم في ترسيخ التعاون بينها، ما يساعد على إنهاض الاقتصادات المحلية فيها، على غرار الشراكة الأميركية مع فيتنام، واليابان، والصين مع دول عدة، وهو ما عزز الحركة الاستثمارية في تلك الدول، وساعدها على تخطي أزمات عدة، فتوظيف المال السيادي بين الدول العربية له مردود كبير اجتماعياً، وسياسياً، وهذا ما اتجهت إليه مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي قاد واحدة من أكثر الثورات ذكاء في العصر الحديث وهي الثورة الاقتصادية.
فالثابت أن كل الانتفاضات لها أهداف اجتماعية واقتصادية وسياسية وحتى عسكرية واضحة ومعلنة، وهو ما كانت عليه ثورة 30 يونيو عام 2013، فهي بداية لحقبة جديدة، وتصحيح المسار لدولة عريقة وكبيرة.
علينا أن نعترف أنه منذ العام 1952 مرت مصر بأزمات عدة تركت ملامحها المجتمع، والعلاقات السياسية، الداخلية والخارجية، ما كبل اقتصادها بقيود عدة، زادتها حركة "الإخوان" والترهات الشعاراتية المنافية لأبسط قواعد المنطق، لا سيما سعي تلك الجماعة إلى تغييرها وجه دولة كبيرة متنوعة العقائد والذهنيات المنتجة لشخصية فريدة.
لذلك، لاحظنا في المدة الأخيرة أن أي أموال تضعها دول الخليج في البنوك المصرية تتحول استثمارات مربحة، بينما في المقابل كان المتصيدون في الماء العكر من سياسيين، وجماعة "الإخوان" يسعون إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، رغم كل الإنجازات المتحققة في عهد الرئيس السيسي، لكن لا يصح إلا الصحيح، فمصر العظيمة تبقى واقفة شامخة رغم كل العواصف.