الثلاثاء 22 أبريل 2025
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
سقوط مديونية موظفي الدولة بالتقادم دراسة قانونية تأصيلية
play icon
كل الآراء

سقوط مديونية موظفي الدولة بالتقادم دراسة قانونية تأصيلية

Time
الأحد 20 أبريل 2025
View
2150
د.كاظم بوعباس

أولا: تقوم فكرة انقضاء الالتزام بالتقادم في القوانين الوضعية وبعامة على اعتبارات عملية، دون النظر الى القواعد الاخلاقية والواجبات الادبية في التعامل، حتى انه ليؤذن في بعض الاحوال باسقاط الحق على صاحبه رغم اقرار الملتزم به.

وعلى اساس ما تقدم وضع المشرع نص المادة 438 من القانون المدني الكويتي التي تقضي بـ"لا تسمع عند الانكار الدعوى بحق من الحقوق الشخصية بمضي خمس عشرة سنة وذلك فيما عدا الاحوال التي يعين فيها القانون مدة اخرى".

وقد وجد المشرع ان من الملائم ان تكون المدة اللازمة لمنع سماع الدعوى - كأصل عام - هي خمس عشرة سنة، أخذا بالمقرر في ذلك الشأن منذ عهد مجلة الاحكام العدلية.

وتعرض المادة 441 من القانون المدني الكويتي للحكم بشأن عدم سماع الدعوى، ومدته في المطالبة بالضرائب والرسوم المستحقة للدولةـ او في رد ما دفع منها بغير حق، وحددت مدة التقادم بخمس سنوات، على ان يبدأ سريان المدة في حالة المطالبة بالرد من تاريخ التسوية النهائية، اعتبارا ان على الدائن ان ينشط للمطالبة باسترداد ماكان قد دفعه بغير حق.

ثانيا: تنص الفقرة الاولى من المادة 21 من المرسوم بقانون الخدمة المدنية رقم 15/ 1979 موضوع هذه المقالة على "يتقادم حق الجهة الحكومية في استرداد المبالغ المدفوعة منها للموظف بدون وجه حق بانقضاء خمس سنوات من تاريخ الصرف.

وتذهب محكمة التمييز الى ان التقادم الوارد في المادة 21 لا يطبق الا حيث تكون المبالغ التي تطالب بها الجهة الحكومية قد دفعتها بغير حق.

الطعن 289 لسنة 1988،ويذهب الاستاذ الدكتور عادل الطبطبائي إلى ان التفسير السليم للمادة 21 من قانون الخدمة المدنية يقوم على اساس ان المبالغ التي صرفتها الجهة الحكومية للموظف بغير حق تتقادم بمرور خمس سنوات، دون نظر لما اذا كان سند الصرف ابتداء كان على اساس قانوني ام من دونه.

(الوسيط في قانون الخدمة المدنية الكويتي 1998).

ثالثا: واستقر رأي ادارة الفتوى والتشريع، على ان الاصل ان ديون الدولة قبل الغير، تخضع لقواعد التقادم المنصوص عليها في القانون المدني، ما لم يوجد تشريع يقضي بغير ذلك، ومن حيث ان المرسوم بالقانون رقم 15/ 1979 بحسبانه القانون الواجب التطبيق، ينص في المادة 21 منه بتقادم حق الجهة الحكومية في استرداد المبالغ المدفوعة منها للموظف دون وجه حق، بانقضاء خمس سنوات من تاريخ الصرف.

والبادي من سياق هذا النص ان المشرع قد استحدث نصا خاصا يحكم الحقوق المالية، سواء بالنسبة للحكومة لاسترداد ما صرف للموظف دون وجه حق، او بالنسبة للموظف للمطالبة بما قد يكون له من حقوق قبل الحكومة.

وغني عن البيان ان التقادم الذي شرع في هذا الخصوص، إنما هو في طبيعته تقادم مسقط، بحيث اذا ما انقضت مدته دون اتخاذ اجراء قاطع، فإن ذلك يؤدي الى سقوط حق الدائن - الحكومة او الموظف.

(فتوى رقم 2/ 19 / 2001 بتاريخ 17/ 6 /2001).

كما اشارت في الفتوى رقم 201700007706 الصادرة في 2018/2/5 الى ان "من المقرر فقها وقضاء ان الميزانية تعني الموازنة: وهي سجل تعادل فيه موارد المالية ومصروفاتها، وبما يكفل سير مرافق الدولة في فترة محددة من الزمن هي في الغالب سنة واحدة…ونصوص قانون الميزانية لا تكون الا من طبيعة مالية، ولا تنطوي على قواعد عامة مجردة، وبالتالي فان قانون الميزانية، وان كان في مرتبة القانون من الناحية الشكلية، الا انه يعد في صنوف الاعمال التنفيذية الادارية من حيث المحتوى والموضوع... وينبني على ذلك ان لايجوز له ان يعدل القوانين القائمة التي تتضمن قواعد عامة مجردة، فلا يجوز لقانون شكلي ان يعدل قانونا موضوعيا، كما لا يسوغ له مخالفة اي قانون قائم سابق.

وهو قانون موقت بطبيعته، ومفاد ذلك وجوب عدم المساس باحكام التقادم الواردة بنص المادة 21 من قانون الخدمة المدنية التي تحظى بأولوية التطبيق.

رابعا: وفي السياق ذاته قررت المحكمة الدستورية في الطعن رقم 13 لسنة 2013 دستوري بجلسة 2013/10/31 انه وان كان للتقادم في نطاق روابط القانون الخاص حكمته في المتعلقة بضرورة استقرار الحقوق بعد مدة من الزمن، فإن حكمته في مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو الزم واوجب في استقرار الاوضاع الادارية، والمراكز القانونية لموظفي المرافق العامة، استقرارا تمليه المصلحة العامة وحسن سير المرفق، ومن ثم فإن المشرع بتحديده مدة التقادم بالحقوق المالية للموظف قبل الجهة الحكومية بمضي سنة من تاريخ علمه بها، او بخمس سنوات من تاريخ الاستحقاق، اي المدتين اقرب، لسقوط حق الجهة الحكومية في استرداد ما صرف للموظف دون وجه حق من تاريخ الصرف، يكون قد استهدف استقرار الاوضاع الادارية، وعدم اثقال كاهلها بتراكم الدين عليها".

خامساً: وينص تعميم وزير المالية رقم 6 لسنة 1998 بشأن تحصيل المبالغ المستحقة للجهات الحكومية على موظفيها على مايلي:

ثانيا- كقاعدة عامة يجب تحصيل الديون المستحقة للحكومة فورا، وبكامل قيمتها، وذلك دون إخلال بما نصت عليه المادة (21) من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية.

وتنص القاعدة رقم 17 من القواعد والتعليمات التنفيذية لقانون دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية، على نص خاص يحدد مدة التقادم كأصل عام بمدة خمس سنوات.

سادساً: وفي حكم للمحكمة الادارية العليا في مصر قررت المحكمة "إذا كانت احكام القانون المدني قد وضعت أصلا لروابط القانون الخاص، ولا تطبق على روابط القانون العام، الا أن القضاء الإداري قد تواتر على تطبيق ما يتلاءم منها مع هذه الروابط، وبما يتفق وأحكامها - تقضي المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها، ولو لم يثره أحد الخصوم أمامها، باعتبار أن التقادم في مجال القانون العام يتعلق بالمصلحة العامة التي تستهدف استقرار الاوضاع الادارية، وعدم تعريض ميزانية الدولة للمفاجآت والاضطرابات التي قد تعجزها عن الوفاء بمتطلبات اشباع حاجات العامة"، (ادارية عليا رقم 11520 لسنة 58 قضائية)

سابعاً وأخيراً: خلاصة ما تقدم، أن القانون اضفى الحماية القانونية على راتب الموظف، فلا يجوز المساس به، ولا الخصم منه، ومتى ما كان ذلك فإن اي اجراء باسترداد المديونية من المرتب غير جائز، اذا ما سقط بالتقادم بمضي المدة التي حددها القانون"، و"إعمال النص خير من اهماله".

وعلى ذلك لا يجوز لأي جهة حكومية أن تخاطب جهة أخرى لمطالبتها بتحصيل مبالغ مديونية من موظف. إذ انه بانقضاء تلك المدة يمتنع من مطالبته بتلك المبالغ. وعلى الجهات الحكومية الامتثال لحكم القانون قبل الشروع بمخاطبة جهة اخرى بتحصيل مديونية سقطت بالتقادم.

مستشار قانوني

آخر الأخبار