بابا الكنيسة الكاثوليكية الراحل البابا فرنسيس
رحل عن 88 عاماً في دار القديسة مارتا بالفاتيكان... وكرادلة العالم يبحثون المستقبل وينتخبون بابا جديداً
دعا في آخر إطلالاته في عيد الفصح لوقف حرب غزة وتقديم المساعدة للفلسطينيين الذين يتضوّرون جوعاً ويتوقون للسلام
أول بابا يُنتخب من أميركا اللاتينية وينتمي إلى الرهبنة اليسوعية وأول من اختار اسم "فرنسيس" في التاريخ البابوي
الفاتيكان، عواصم - وكالات: أعلن الفاتيكان وفاة البابا فرنسيس صباح أمس، عن عمر يناهز 88 عاما، بعد تدهور في صحته منذ 18 فبراير الماضي، وقال الفاتيكان في بيان مقتضب عبر منصة "إكس": "توفي البابا فرنسيس في اثنين الفصح 21 أبريل 2025، في الثامنة والثمانين من العمر، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان"، ومنذ أشهر، أعلن الفاتيكان تراجع صحة البابا (مواليد 1936)، وسط مخاوف جدية على حياته رغم بعض التطمينات بين الحين والآخر إلى حالته المستقرة.
ولاحقا، نشر الفاتيكان بيانا ثانيا قال فيه: "الساعة 9:45 صباحًا، أعلن رئيس المجلس الرسولي الكاردينال كيفن فاريل، نبأ وفاة البابا فرنسيس، من دار القديسة مارتا"، وقال فاريل "في تمام الساعة 7:35 صباح الاثنين، عاد أسقف روما، فرنسيس، إلى بيت الآب. لقد كرس حياته كلها لخدمة الرب وكنيسته"، مضيفا "لقد علمنا أن نحيي قيم الإنجيل بأمانة وشجاعة ومحبة شاملة، وخاصة تجاه الأشخاص الأشد فقرا وأكثرهم تهميشا."، متابعا "وبامتنان كبير لمثاله كتلميذ حقيقي للرب يسوع، نودع روح البابا فرنسيس إلى محبة الله اللامتناهية والرحيمة، الإله الواحد في الثالوث".
ووفق بيان الفاتيكان، "أُدخل البابا إلى مستشفى أغوستينو جيميلي في 14 فبراير الماضي، بعد أن عانى من نوبة التهاب شعبي استمرت أيام، وما لبثت أن تدهورت حالته الصحية تدريجيًا، وشخّص أطباؤه إصابته بالتهاب رئوي ثنائي في 18 فبراير، وبعد 38 يومًا في المستشفى، عاد البابا الراحل إلى مقر إقامته في الفاتيكان في دار القديسة مارتا لمواصلة تعافيه"، بحسب البيان.
وبمناسبة عيد الفصح المسيحي، أطل البابا فرنسيس، أول من أمس الأحد، للمرة الأخيرة من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، ليبارك آلاف المحتشدين في ساحة القديس بطرس، وقال فرنسيس بصوت أقوى من ذي قبل منذ أن دخل المستشفى مؤخرا: "أيها الإخوة والأخوات، عيد فصح سعيد!"، ولم يحتفل البابا بقداس عيد الفصح في الساحة، حيث فوّض الأمر إلى الكاردينال أنجيلو كوماستري، رئيس كهنة كاتدرائية القديس بطرس المتقاعد، ولكن بعد انتهاء القداس، ظهر فرنسيس عند الشرفة المطلة على مدخل الكاتدرائية، وانطلقت الهتافات من جانب آلاف المحتشدين في الأسفل عندما بدأت فرقة موسيقية عسكرية جولة من النشيد الوطني للكرسي الرسولي والنشيد الوطني الإيطالي، وقام البابا فرنسيس بالتلويح من الشرفة، ثم طلب من أحد مساعديه قراءة خطابه.
ووسط هتافات وتصفيق الحشود لأول بابا يُنتخب من أميركا اللاتينية وينتمي للرهبنة اليسوعية وأول من اختار اسم "فرنسيس" في التاريخ البابوي، وجّه البابا رسائل عدة للعالم في خطاب قرأه أحد معاونيه، وفي خطابه الأخير، قال البابا الراحل إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تولد الموت والدمار وتسبب وضعا إنسانيا مروعا ومشينا، مضيفا "يتوجّه فكري إلى شعب غزة"، داعيا إلى وقف إطلاق النار وتقديم المساعدة للشعب الفلسطيني الذي يتضوّر جوعا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام.
وكان نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس آخر أبرز شخصية يلتقي بها البابا فرنسيس قبل يوم من وفاته.
الحشود تتوافد لساحة القديس بطرس للوداع... ولبنان والأرجنتين يعلنان الحداد
انطلاق طقوس جنازة البابا فرنسيس... والكرادلة يجتمعون
البابا فرنسيس مباركا حضور قداس عيد الفصح بظهوره الأخير (أب)
روما، عواصم - وكالات: أعلن الفاتيكان أن مراسم التأكد من وفاة البابا فرنسيس رسميا، الزعيم الروحي للكاثوليك ورئيس دولة الفاتيكان، ووضع جثمانه في التابوت ليل أمس، وقال بيان مكتب الصحافة بالفاتيكان: "عقب الإعلان عن وفاة البابا فرنسيس، سيرأس الكاميرلنغو الكاردينال كيفن فاريل، هذا المساء عند الساعة الثامنة، مراسم التأكد من الوفاة ووضع الجثمان في التابوت"، ووفقا للأعراف، من المتوقع بعد وفاة البابا أن يعلن الكاردينال الذي يشغل منصب "الكاميرلنغو" (نائب الكرسي الرسولي) حالة "الكرسي الشاغر"، بموجب القانون الكنسي، ليتولى إدارة المرحلة الانتقالية في الفاتيكان إلى حين انتخاب البابا الجديد.
من جانبه، أعلن رئيس دائرة الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ماتيو بروني أن الكرادلة سيجتمعون في كونغريغاتيون اليوم، قائلا إنه تم إرسال الدعوات للكرادلة، لكن من الصعب تحديد عدد الذين سيتمكنون من الوصول إلى روما، ومن المقرر أن يعقدوا اجتماعهم اليوم لبحث القضايا العاجلة، مشيرا إلى أنه في حال عدم اتخاذ الكرادلة قرارا مخالفا سيتم عرض جثمان البابا فرنسيس في كاتدرائية القديس بطرس غدا ليودعها المؤمنون، معتبرا أن الإجراء محتمل لكن الكرادلة قد يقررون خلاف ذلك، وعادة ما تستمر مراسم التوديع ثلاثة أيام بينما سيتم تحديد موعد الجنازة خلال اجتماع الكرادلة.
وفيما وضع جثمان البابا فرنسيس، داخل نعش مفتوح في كنيسة دار ضيافة سانتا مارتا، مقر إقامته في الفاتيكان، توافدت الحشود إلى ساحة القديس بطرس في الفاتيكان لتقديم الاحترام للبابا فرنسيس، حيث اكتظت الشوارع المؤدية إلى الساحة المركزية أمام كاتدرائية القديس بطرس، فيما قامت قوات الأمن بتوجيه الحشود الغفيرة التي جاءت لتقديم احترامها للبابا الراحل، ودقت أجراس الكاتدرائية لإبلاغ الكاثوليك بوفاة البابا، وهو تقليد قائم منذ قرون، ورمز للتعبير عن الحزن ودعوة المؤمنين إلى الصلاة، وسط ترجيحات بتوافد عدد أكبر إلى روما خلال الأيام والأسابيع المقبلة لحضور مراسم جنازة البابا فرنسيس ومجريات الاجتماع المغلق الذي سيعقد لانتخاب بابا جديد.
من جانبها، كشفت وكالة "رويترز" عن عدد من الكرادلة الذين يتم تداول أسمائهم كمرشحين لخلافة البابا فرنسيس، مؤكدة بروز أسماء تسعة مرشحين محتملين، هم رئيس أساقفة مارسيليا بفرنسا جان مارك أفيلين (66 عاما)
ويُعرف في الأوساط الكاثوليكية الفرنسية بـ"يوحنا الرابع والعشرين"، والكاردينال بيتر إردو (72 عاما) وهو هنغاري ويُعتبر مرشحاً توافقياً بين المحافظين والتقدميين، والأمين العام لمجمع الأساقفة الكاردينال ماريو غريتش (68 عاماً) وهو مالطي تحول من المحافظة إلى تبني إصلاحات البابا فرنسيس، ورئيس أساقفة برشلونة السابق الكاردينال الإسباني خوان خوسيه أوميلا (79 عاما)، فيما يعتبر وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال الإيطالي بيترو بارولين (70 عاما) المرشح الأوفر حظا، والكاردينال الفلبيني لويس أنطونيو تاغلي (67 عاما) ويُلقب بـ"فرنسيس الآسيوي"، ورئيس أساقفة نيوارك الكاردينال الأميركي جوزيف توبين (72 عاما)، والكاردينال الغاني بيتر توركسون (76 عاما)، وأخيرا رئيس أساقفة بولونيا الإيطالي ماتيو ماريا زوبي (69 عاماً)، وتتم عملية انتخاب البابا الجديد عبر المجمع المغلق الذي يجمع الكرادلة الناخبين تحت قبة كنيسة سيستينا، حيث يستمر التصويت حتى يحصل أحد المرشحين على أغلبية الثلثين.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام الحداد الرسمي على وفاة بابا الفاتيكان فرنسيس لمدة ثلاثة أيام، كما أعلنت الحكومة الارجنتينية الحداد لمدة سبعة أيام، وأعلن المتحدث باسم مؤتمر الأساقفة النمساويين في فيينا قرع أجراس الكنائس الكاثوليكية في جميع أنحاء النمسا.
المطران ألدو بيراردي ينعى البابا
ببالغ الحزن وبالرجاء المملوء إيمانًا ينعى صاحب السيادة المطران ألدو بيراردي النائب الرسولي لشمال شبه الجزيرة العربية ودولة الكويت قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس الذي انتقل إلى بيت الأب السماوي هذا اليوم (أمس)، الاثنين 21 أبريل، في حاضرة الفاتيكان، روما.
وإذ تتّحد الكنيسة الكاثوليكية في دولة الكويت بالصلاة والإيمان مع الكنيسة الجامعة في العالم أجمع، لترفع صلواتها من أجل راحة نفس قداسة البابا الراحل، سائلة الرب أن يمنحه نصيبًا مع القديسين، ويهب الكنيسة نعمة التعزية والثبات في الرجاء "الراحة الأبدية أعطه يا رب، والنور الدائم فليضئ له.. فليسترح بسلام.. آمين".
سيتم الاعلان لاحقًا عن موعد استقبال التعازي.
قادة عرب وأوروبيون: بابا السلام كرّس حياته للعدالة وعمل بلا كلل لتعزيز التسامح
روما، عواصم - وكالات: نعى عدد من القادة العرب والأوروبيين بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، ففي القاهرة نعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي البابا فرنسيس، قائلا إنه كان "شخصية عالمية استثنائية كرس حياته لخدمة قيم السلام والعدالة وعمل بلا كلل على تعزيز التسامح والتفاهم بين الأديان وبناء جسور الحوار بين الشعوب كما كان مناصرا للقضية الفلسطينية مدافعا عن الحقوق المشروعة وداعيا إلى إنهاء الصراعات وتحقيق سلام عادل ودائم"، كما نعاه الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابوالغيط، واصفا إياه بأنه "كان صوتا فريدا للإنسانية والضمير في زمن اختار فيه الكثيرون أن يعطوا ظهورهم لهذه القيم"، قائلا إن "مواقف البابا الشجاعة والتي انحازت للسلام والتعايش ستبقى نموذجا على سماحة الأديان ودورها المهم في التقريب بين الشعوب"، مؤكدا أن البابا عبر من خلال مواقفه المتعددة عن انحياز مطلق للإنسان بغض النظر عن دينه وأن بوصلته في القضية الفلسطينية كانت تشير دوما إلى الاتجاه الصحيح، ونعى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رجل السلام الذي حظي بمحبة الشعوب لطيبته وتواضعه وعمله الدؤوب للتقريب بين الجميع، مؤكدا أن ذكراه ستبقى خالدة في قلوب الملايين".
وفي أوروبا، قالت رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على موقع "إكس" إن " البابا فرنسيس ألهم الملايين ليس فقط داخل الكنيسة الكاثوليكية بل أبعد من ذلك من خلال تواضعه ومحبته النقية للفقراء"، كما أعربت الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس عن حزنها الشديد، شاكرة البابا فرنسيس على قيادته القوية في حماية الفئات الأكثر ضعفا والدفاع عن كرامة الإنسان، وانضم رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إلى "الملايين حول العالم الذين ينعون وفاة البابا فرنسيس"، قائلا "كان رجلا مليئا بالعطف ويهتم بتحديات العالم الكبرى في عصرنا كالهجرة وتغير المناخ وعدم المساواة والسلام"، وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إن "ابتسامته الساحرة أسرت قلوب الملايين حول العالم".
"بابا الشعب 266"... تميّز بحبّه للفقراء وعارضت والدته دعوته الكهنوتية
روما، عواصم - وكالات: في 17 ديسمبر 1936، في حي فلوريس في بوينس آيرس في الأرجنتين، استقبلت عائلة ماريو خوسيه بيرغوليو وريجينا ماريا سيفوري ابنها خورخي وهو الأكبر بين 5 أولاد، والده مهاجر إيطالي كان يعمل موظّفاً في السكك الحديد غادرت عائلته إيطاليا عام 1929 هرباً من حكم بينيتو موسوليني.
وتميّز الأب اليسوعي النشيط الذي عارضت والدته دعوته الكهنوتية في البداية، بحبّه للفقر والفقراء، وقال ذات مرّة: "شعبي فقير وأنا واحد منهم"، وتميّز بتواضعه، واكتسب شعبية كبيرة عند الكبار والصغار. ومنذ سيامته كاهناً إلى تسلّمه كرسي بطرس، كانت بساطته المفتاح إلى قلب المؤمنين والعالم. طيلة سنواته الـ88، مرّ "بابا الشعب" بمواقف ومحطّات كشفت شخصيّته وجوانبه المعروفة والمخفيّة.
وبرز حبّ البابا فرنسيس للعلم والأدب، وقبل سيامته كاهناً وفي فترة شبابه، كان يستمتع برقصة الـ"تانغو"، كما كان يحب رقصة الـ"ميلونغا"، وعام 2013، خرج البابا فرنسيس ليلاً مرتدياً زيّ كاهن لإعطاء الصدقات ومساعدة الفقراء في شوارع روما، ولا يحبّ البابا فرنسيس السيارات البابوية المقاومة للرصاص معتبراً أنّها "علب السردين"، واختير كشخصيّة العام من قبل مجلة "تايم" عام 2013، وهو البابا الوحيد الذي ظهر على الإطلاق في مجلة "رولينغ ستون" عام 2014.