يأتي حظر الاخوان المسلمين في الاردن، اثر اكتشاف خلية تأمرية في لبنان من الفلسطينين المقيمين هناك، قرار الحظر هذا لا يعني انتفاء دور "الاخوان" الدعوي والسياسي، فالاردنيون من اكثر الشعوب العربية تشدداً او تمسكاً بالعقائد الدينية، لا سيما الاسلامية، ولا يزالون معروفين كمجتمع محافظ ومتشدد دينياً.
القرار بحظر "الاخوان" هو الاخير، وليس الاول في الدول العربية، فهناك حظر على الجماعة في بعض الدول الخليجية وتونس، لكن في الكويت لا يزال وضعهم جيد وشركاء في العمل السياسي، وفي كل تشكيل حكومي جديد يأتي وزير ممثلاً لهم، وأحياناً يتقلد حقيبة مهمة كالنفط او الاوقاف والشؤون الاسلامية، التي يتقاسمها مع "السلف".
"الاخوان" في الكويت تتحالف مع الحكومة، وهذا ليس جديداً ولا غريباً، فبعد حرب التحرير شكلت لجنة من قانونيين ودينيين لما سمي "مراجعة القوانين" ترأسها الدكتور خالد المذكور، وبعد قرار حلها لم تصحح قانوناً واحداً، وكان قراراً صائباً، فاللجنة كانت تبلع الاف الدنانير كمصروفات كل عام، لكن بلا انتاج.
بعد حل اللجنة انتخب، او اختير الدكتور المذكور رئيساً لجمعية الاصلاح، ولا يزال، والسؤال هنا: هل تستطيع حكومة الكويت، وعلى غرار الدول العربية التي حظرت نشاط الاحزاب الدينية، ومنها "الاخوان" كبح جماح الاحزاب الدينية بشتى توصيفاتها (الاخوان، سلف، الجمعية الثقافية، حزب الدعوة، شيرازي، وغيرها غير المنظورين على قائمة الاحزاب السياسية"؟
"اخوان الكويت" حزب متجذر تأسس سنة 1948 عندما التقى المرحوم عبدالعزيز المطوع مع حسن البنا في موسم الحج في مكة، لكن لعلي ارى انه سيأتي يوم، ولعله قريب، لانتفاء دور الاحزاب الدينية، في المنطقة العربية التي تنحو حاليا إلى الانفتاح وتحرير العقل العربي، وليس الانسلاخ من الدين، لكن لمزيد من الانفتاح على الاخر، وتحرير العقل، هذا الاخر الذي لا نزال نراه كافراً، ويسلب خيرات بلداننا.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945، وظهور الاتحاد السوفياتي كقوة مناهضة للرأسمالية الغربية، ظهرت في الكثير من البدان، الغربية والعربية، توجهات واحزاب وتيارات مؤيدة للفكر الشيوعي والنظام الاشتراكي.
وهو لا شك اظهر بعد سنوات فشله، وعودة النظام الرأسمالي الى الاسواق والاقتصاد العالمي، ليس لأن الرأسمالية تجعل الفقراء يأكلون شهداً، ولا لانها تحقق العدالة، لكنها احسن السيئين، ففي الرأسمالية الجوع اكثر، والمشردون يملأون شوارع نيويورك ولندن وباريس وغيرها.
إن العدالة الاجتماعية لا تتحقق على الارض "وفي السماء رزقكم وما توعدون"، ولله في خلقه شؤون.
الاديان ليست احزاباً سياسية كي ينقسم الناس، بينها وكل يتنازع للسيطرة على الحكم، ولا هناك اصلاح يتحق على الارض وبين الناس اذا تنادى لفيف منهم لتكوين حزب في ظاهره تحقيق العدالة الاجتماعية، وحقيقته تحزبها من اجل مصالحهم الشخصية، او الاجتماعية، او المالية، وعليكم ان تراقبوا حجم الاموال والثروات التي تجمعت لدى قادة الاحزاب، هذا فضلاً عن المكانة الاجتماعية والسياسية.
جملة القول هل القرار الاردن بحظر "الاخوان" سيصمد في مجتمع منقسم ومحافظ ومتشدد دينياً؟
اعود هنا الى الغزو العراقي الغاشم على الكويت، نذكر الملك حسين الذي وقف وبقوة مع صدام وكان مؤيداً للغزو، طبعاً لا لان الغزو صائب، لكن وقوف الملك مع صدام كان بمثابة نداء ديني ضد الغرب الكافر، الذي جاء لتحرير الكويت.
وانظروا كيف نشط الاسلاميون في الاردن مؤيدين الغزو وضد الكويت، وللاسف لا يزال هناك في العقل الاردني ان الكويت للعراق.
هكذا الدين عندما قيل انه افيون الشعوب، ليس لانه يلعب بالعقل، لكن هناك من يستطيع اتلاف العقول بشحنها من الاكاذيب والخزعبلات.
ان احزاب ما يسمى الدينية او الاسلامية، ما هي إلا نموذج من الماسونية العالمية، على شاكلة الشيخ محمد عبدو وجمال الدين الافغاني الماسونيين واخرين.
صحافي كويتي
[email protected]