الخميس 01 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
من 'النكبة' إلى اليوم... مَن خدم إسرائيل؟
play icon
الافتتاحية

من "النكبة" إلى اليوم... مَن خدم إسرائيل؟

Time
الثلاثاء 29 أبريل 2025
View
6210
أحمد الجارالله

هل العرب يريدون فعلاً تحرير فلسطين، وهل كانوا طوال 80 عاماً يسعون إلى ذلك، أم يجعلون من هذه القضية قميص عثمان كي يبرروا أفعالهم، وجرائمهم، وانقلاباتهم وثوراتهم لتغيير أنظمة كانت مستقرة؟

هذا السؤال يحتاج إلى الواقعية في التحليل، وكي لا نظلم أحداً.

فمنذ بدء مشروع إعلان الدولة الاسرائيلية ظهرت الكثير من الحركات والمنظمات والتيارات التي أخذت عنوان "تحرير فلسطين" ذريعة، فيما عملت عكس ذلك، بدءاً من تيار الحاج أمين الحسيني المتحالف مع هتلر، وصولاً إلى حركات أيديولوجية، أكانت الأحزاب الشيوعية الملتصقة بالاتحاد السوفياتي السابق، والقومية، رافعة شعار "الوحدة العربية"، وحتى بعض الكيانية منها، وجماعة "الإخوان المسلمين" وكذلك "حزب الدعوة"، وغيرها من حركات طائفية.

طوال تلك العقود، عملت هذه التجمعات على تكريس الانقسام العربي، ونادت بإسقاط الأنظمة، فيما اختفى الشعار الأساسي، لأنه وفقاً للقاعدة التي أرساها جمال عبدالناصر بانقلابه عام 1952 "الطريق إلى فلسطين تمر بإسقاط الأنظمة الرجعية"، كما دفع إلى فصل السودان عن مصر بعدما كانت تحت حكم مستقر، ومؤشرات النمو فيها كانت تعادل نحو 5.5 في المئة، بينما بعد عشر سنوات دخلت البلاد في أزمة اقتصادية، نتيجة التأميم الفاشل.

على هذا الطريق، سارت الطغم العسكرية في العراق وسورية والسودان وبعدها ليبيا واليمن والجزائر، وكانت الحروب الفاشلة، بدءاً بـ"النكبة" إلى "النكسة" و"حرب الاستنزاف".

رفض عبدالناصر "مبادرة روجرز"، وقبلها رفضت الدول العربية الاعتراف بقرار التقسيم، وخوّنت الحبيب بورقيبة عام 1963 حين طالبهم بالاعتراف باسرائيل ومصالحتها، وظهر يومها شعار الشقيري – عبدالناصر "رمي اليهود في البحر".

في كلٍّ، ضيع العرب، حكومات وأحزاباً وتنظيمات، الفرص، وأسسوا جبهات ليس لها حظ أبداً في الحياة، من "الصمود والتصدي" إلى "جبهة المواجهة"، فيما اعتمد بعضهم على الاتحاد السوفياتي، وهو أول من اعترف بـ"اسرائيل" بعد سبع دقائق من إعلانها في الأمم المتحدة.

مشروع التحرير جعل سورية تعاني منذ العام 1963 أزمة داخلية، انعكست عليها سلباً، اقتصادياً وتنموياً، أما العراق فدخل حمام دم، وأصبح سجناً كبيراً استمر حتى الخلاص من حكم صدام حسين، واليمن ابتُلي بالتقسيم، وصولاً إلى سيطرة عبدالملك الحوثي على زمام الأمور، وإدخاله في أتون صراعات، تكللت بالهجمات الدولية عليه، لأن "الحوثيين" عرقلوا التجارة العالمية في مضيق باب المندب.

لهذا، حين يعلن بنيامين نتنياهو أنه "بدأ بتغيير الشرق الأوسط"، فهو يعتمد على الانقسام والانشغال بأمور ثانوية على حساب المصير المشترك، إذ كان همّ بشار الأسد، مثلاً، الحفاظ على كرسيه، بينما جماعة "الإخوان" و"أحزاب الله" المأجورة لإيران، همّها إثارة الفتن الطائفية، لذلك كان حسن نصرالله، واليوم نعيم قاسم، يسعيان إلى الهيمنة على قرار الدولة اللبنانية، حتى لو كانت الخسائر بالأرواح في الحرب الأخيرة، على سبيل المثال، عشرة آلاف ضحية من الأبرياء، وخسائر بما يزيد على 15 مليار دولار، والإمعان في إفقار الشعب اللبناني.

هذه نماذج مما جلبته تنظيمات وأحزاب وحكومات انقلابية الحرب بالشعارات، بينما اليوم، أصبحت غزة مدمرة، ووصلت الخسائر في الأرواح إلى نحو 53 ألف قتيل، وما يزيد على 150 ألف جريح، فيما الضفة الغربية تعاني من تآكل الأراضي جراء الاستيطان فيها، والسلطة الفلسطينية مكبلة بشتى القيود بسبب استمرار تمسك "حماس" بحكم القطاع، بينما الأردن حاولت جماعة "الإخوان" جعله ساحة تصفيات إقليمية تخدم اسرائيل، المنتظرة ترحيل أهالي الضفة إليه، وإعلان اكتمال مشروع تنفيذ قانون الدولة القومية اليهودية المعلن عام 2018.

لهذا يبقى السؤال: من خدم اسرائيل أكثر، هل أحزاب وأنظمة المتاجرة بالقضية أو دول الواقعية العربية، وعلى رأسها دول الخليج المحافظة على مواقفها واستقرارها؟

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار